نواكشوط – المحيط:
وجه سعادة عيسى عبد الله مسعود الكلباني سفير دولة الإمارات العربية المتحدة المعتمد لدى موريتانيا، خطابا هاما إلى الرأي العام الموريتاني بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الـ 47 على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأطلع السفير الموريتانيين على المحاور الرئيسية التي شكلت نهضة الإمارات العربية المتحدة على جميع المستويات السياسية والعلمية والاقتصادية، وهي النهضة التي جعلت من الإمارات نموذجا يحتذى ومحط اهتمام كل تجربة تنموية تطمح للنجاح والتطور.
سفير الإمارات، الذي كان يتحدث في حفل استقبال أقامه مساء اليوم بنواكشوط، وحضره وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد ونخبة كبيرة من الموريتانيين والسلك الدبلوماسي، أكد أن العلاقات الموريتانية الإماراتية وصلت "مستوى الشراكة الإستراتيجية".
والسفير عيسى عبد الله مسعود الكلباني واكب سعادته خلال السنوات الأخيرة ارتفاع وتيرة التعاون بين البلدين، والذي توج بمشاريع تنموية لصالح الشعب الموريتاني وبلجنة مشتركة للتعاون.
هذا، وفيما يلي تنشر "المحيط" نص خطاب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة:
معالي الدكتور الأخ إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وزير الشؤون الخارجية والتعاون
السادة الأمناء العامون..
سعادة السفراء والمدراء..
أيها الحضور الكريم
نحتفل في هذه الأيام بمرور سبعة وأربعين عاماً على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ووطني الإمارات يمضي بخطى راسخة وقوية بكل حكمة وعزيمة، على خطى مؤسس الدولة وباني نهضتها، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وبسواعد أبنائها المخلصين، الذي يشكّلون عماد البناء والتنمية، نحو تحقيق العديد من الإنجازات التنموية والحضارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ويُمثّل الثاني من ديسمبر من كل عام بالنسبة لمواطني الدولة والمقيمين فيها مناسبة للتعبير عن فخرهم واعتزازهم بوطنهم الإمارات وإنجازاته التنموية والحضارية.
وتتزامن احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ 47 مع إعلان عام 2018 في دولة الإمارات العربية المتحدة بـ "عام زايد"، وذلك احتفاءً بالذكرى المئوية لميلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الوالد المؤسس لدولة الإمارات.
وقد مثّلت قيم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه الأسس والمرتكزات التي قامت عليها النهضة الحضارية والتنموية المعاصرة في الدولة، حيث استلهمت القيادة الرشيدة هذه القيم في بناء مستقبل زاهر للدولة، وتعزيز مكانتها المرموقة بين دول المنطقة والعالم، وتثبيت موقعها كواحة للأمن والسلام والاستقرار السياسي، والتنمية الإقتصادية والإجتماعية، والتسامح.
وقد عملت دولة الإمارات على ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية، ونبذ التمييز والكراهية، وقبول الآخر، من خلال تبني برامج وطنية بالشراكة مع مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية. وتعتبر دولة الإمارات اليوم نموذجاً وقدوة تحتذى في التسامح وقبول الآخر لاحتضانها أكثر من 200 جنسية على أراضيها يعيشون بانسجام ووئام، ويضمن القانون الحق للمقيمين في استخدام مرافق الدولة الصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية أسوة بمواطنيها بدون أي تمييز.
كما تعمل دولة الإمارات بشكل حثيث في مجال مكافحة التطرف والأرهاب، حيث يعد مكافحة الإرهاب والتطرف عنصراً أساسياً ضمن مساعي دولة الإمارات لضمان أمنها القومي، وتعزيز الأمن الدولي. وقد حققت الدولة إنجازات هامة على هذا الصعيد، سواء عبر المشاركات العسكرية في التحالفات الإسلامية والدولية، أو عبر سن القوانين المحلية التي تحاصر الإرهاب ومسبباته مثل "قانون مكافحة التمييز والكراهية"، والقانون الاتحادي المنشئ لمركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، إضافة إلى إصدار مرسوم بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية، وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل .
ويمثل إكسبو دبي 2020 أحد أهم الإنجازات التي يجري العمل حالياً على تحقيقها في الأونة الأخيرة، حيث يمثل المعرض تطبيقاً فعالاً لسياسات التعاون الدولي، وذلك لدوره في توسيع وتعميق علاقات الدولة الثنائية ومتعددة الأطراف، حيث يتوقع أن يستضيف المعرض أكثر من 200 دولة مشاركة، وأكثر من 25 مليون زائر، ما يسهم في تقوية وترسيخ التفاهم الثقافي بين الأمم وتغيير المفاهيم السائدة حول المنطقة، فضلاً عن دوره في ترسيخ مكانة الدولة كمهدٍ للتكنولوجيا الناشئة وبيئة حاضنة للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في المنطقة.
ولم تقتصر إنجازات الدولة على المستوى المحلي على الجانب الاقتصادي، وإنما تخطت إنجازات "عيال زايد" كافة التوقعات والحدود لتعانق الفضاء. ففي إنجاز تاريخي غير مسبوق، أعلنت الدولة عن إطلاق القمر الاصطناعي الإماراتي «خليفة سات» بنجاح، والذي يُعد أول قمر اصطناعي إماراتي صُنع بالكامل في الدولة وبأيدي مهندسين إماراتيين 100%، وذلك في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة في قطاع الفضاء الوطني.
وقد مثّلت رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلهاماً للسياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي التزمت ببناء جسور الصداقة، والعمل والتعاون مع الدول الأخرى، وفقاً لروح ميثاق الأمم المتحدة المبني على الالتزام بالأخلاق والمثل والمبادئ الدولية. واليوم تستمر دولة الإمارات بدعم أهداف التنمية المستدامة، والتي تمثل خارطة طريق أو مساراً محدداً لبناء غد أفضل وأكثر استدامة للعالم والأجيال القادمة. كما وتبقى دولة الإمارات مستمرة في تكريس جهودها لمواجهة التحديات العالمية الرئيسية، ولا سيما تلك المتعلقة بالقضاء على الفقر، والحفاظ على البيئة ومواجهة التغير المناخي، وإرساء أسس وقواعد العدل والسلام، ودعم وتعزيز التقدم العالمي.
وقد عملت دولة الإمارات على تبني دبلوماسية نشطة قامت على الانفتاح على العالم الخارجي، وتمكنت الدولة من نسج شبكة علاقات واسعة مع مختلف دول العالم.
ولم تكن من قبيل الصدفة أو المفاجأة أن تحافظ دولة الإمارات للعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياساً لدخلها القومي، بنسبة 1.31 في المئة، حيث تقترب مساهمة دولة الإمارات من ضعف النسبة العالمية المطلوبة، وهي 0.7 في المئة التي حددتها الأمم المتحدة بمثابة مقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة، وفقا للبيانات الأولية التي أعلنتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقد حلت دولة الإمارات في المركز الأول عالميا كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم للعام 2017 ، حيث قدمت الإمارات خلال عام 2017 مساعدات إنمائية بقيمة 19.32 مليار درهم، (5.26 مليارات دولار)، وتميزت المساعدات بأن أكثر من نصف قيمتها تمت على شكل منح لا ترد «بنسبة 54%» وذلك دعماً للخطط التنموية التي تنفذها الدول المستفيدة.
وبهذه المناسبة التاريخية، أود أن أُشيد بمستوى العلاقات الثنائية التي تربط بلدينا الشقيقين: دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهي علاقات قديمة ومتجددة، وصلت في عهد القائدين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وصاحب الفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وليس انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة للتعاون الذي استضافته العاصمة الاماراتية أبوظبي في شهر مارس الماضي؛ وما تم التوقيع عليه خلال ذلك الاجتماع من اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات، إضافة إلى الشروع في بناء مركز الشيخة فاطمة بنت امبارك للأمومة والطفولة بمستشفى الشيخ زايد في نواكشوط، ليست كلها إلا شواهد قوية ومؤشرات صادقة على إرادة حقيقية في تطوير هذه العلاقة..
كما أننا سنشهد في المستقبل إن شاء تقدما كبيرا في مجال التعاون الثنائي بين البلدين.
وفي الختام،
أشكركم جميعاً على حضوركم ومشاركتكم احتفاليتنا بهذه المناسبة الوطنية، ونتمنى استمرار التواصل معكم في مناسبات سعيدة مقبلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،