بسم الله الرحمن الرحين والصلاة والسلام على النبي الكريم.
هذا نص مقابلة أجراها كل من الأستاذ محمد فاضل بن الشيخ أحمد السباعي والشيخ سعدبوه بن الشيخ عبداتي مع فضيلة العلامة الكبير والمؤرخ الشهير الشيخ الطالب اخيار بن الشيخ مامينَّ حول مايدور هذه الأيام على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي من النبز والطعن في حق الشيخين العالمين الوليَّيْن: الشيخ سعدبوه بن الشيخ محمد فاضل والشيخ سيديا باب من موقفهما من نازلة الاستعمار.
محمد فاضل : فضيلة الشيخ بما أنكم بحثتم في نازلة الاستعمار وتبايُنِ مواقف العلماء منها فما رأي فضيلتكم مما ذهب إليه الشيخ سعدبوه بن الشيخ محمد فاضل والشيخ سيديَ بابا من وجوب مهادنة المستعمر الفرنسي إبان دخوله؟ وما موقفُكم مما يقوم به البعض من التطاول على الشيخين وتسفيه رأيهما ووصفهما ببعض الأوصاف التي لا تليق بالعلماء؟
الشيخ الطالب اخيار : أقول وبالله التوفيق: إني أعتقد اعتقادا جازما أن هذين الشيخين من كبار علماء هذه الأُمة، وأعتقد في دِينهما واستقامتهما وأنهما من أهل الديانة والورع، فيجب علينا أن نُحسن الظن بهما، وأن نكون منصفين اتجاه موقفِهما من مسألة الاستعمار الفرنسي، فالدافع لهما ماكانت تشهده البلاد آنذاك من فوضى وسفك للدماء وعدم وجود سلطة مركزية تفرض النظام والأمن. وارتكابا لأخفِّ الضررين بين المهادنة والمواجهة اجتهدا ورأيا أن المهادنة هي السبيل الأقوم لمصلحة البلاد والعباد، ورأيا أن المجتمع عاجزٌ عن مواجهة المستعمر الذي يفوقه عدة وعتاداً، ورَأَيا أن شروط الجهاد غير متوفرة، فلذا هادنوا المستعمر واشترطوا عليه شروطا تصب كلها في مصلحة المسلمين ومن أراد الاطلاع على رأي الشيخين بالتفصيل، فليرجع للجزء الثاني من الكتاب الذي كتبت عن المقاومة، فقد ذكرت ماكتباه دون تحيز.
وعلينا أن نفهم أن شيخنا الشيخ سعدبوه قد تلقى تهديدا خفيا من كبولاني رأس المستعمر الفرنسي، في حالة ما إذا رفض مهادنتهم، وأنه لن تكون عنده مكانة ولا وجاهة يبذلها لجلب مصالح المسلمين ودفع الضر عنهم، ولا يخفىٰ علينا ماعاناه شيخنا الشيخ سعدبوه لفترة طويلة من الحسد والمكائد التي كانت تحاكُ ضده، وعليه فلا مندوحة له من أن يهادن هذه القوة الغاشمة التي لايجد سبيلا لدفعها ، ثم إنه لم يكن بين أهله وعشيرته وفي المثل عندنا { اللِ ماهو في اكبيلو تكلع حبشَه لِيلو}.
وأما ما ذَكرتم من تطاول بعض السفهاء على هذين العالمين الفاضلين فإني أُدينه وأبرء منه إلى الله سبحانه وتعالى، فحسبهما أن اجتهدا لمصلحة المسلمين وعلينا أن نحترم لهما رأيهما، أما التسفيه والكلام البذيئ فلا يصدر إلا من ضعفة العقول وكاسِدي البضاعة في العلم.
الشيخ سعدبوه : فضيلة الشيخ قرأنا في بعض الصفحات الفيسبوكية من يقول: إن شخصكم الكريم يُمد بعض من يتهجم على الشيخين ببعض المعلومات والوثائق؟
الشيخ الطالب اخيار : هذا محض تقوُّلٍ وافتراء وكذب عليَّ فكيف أقول ما لايليق في عمي شيخنا الشيخ سعدبوه؟! الذي أعتقد فيه الصلاح والعلم، وكيف أقول في الشيخ سيديَ بابا الذي أعتقد فيه الصلاح والعلم وهو من مُجددي هذا القرن وهو جدٌ لأبناء عمومتنا، ولنا علاقةٌ طيبةٌ مع هذه الأسرة(أسرة أهل الشيخ سيديَ) بدءًا بعلاقة الشيخ سيديَ بابا مع عمنا الشيخ الطالب اخيار بن شيخنا الشيخ ماء العينين الذي وجد فيه التقدير والتبجيل وصاهره على ابنته زينب.
الشيخ سعدبوه : قرأت في أحد الكتب منْ فهم من كلمتكم في الكتاب تعقيبا على فتوى شيخنا الشيخ سعدبوه تهجماً عليه، ولعل هذه الفتوى استصدرها منه الفرنسيون ؟
الشيخ الطالب اخيار : لعله لم يفهم كلمة "استصدر" وأنا إنما نقلت ماذكره الشيخ موسى كَمَرا الذي هو من مريدي شيخنا الشيخ سعدبوه وتركت الحكم للقارئ يفهم من ذلك.
محمد فاضل بن الشيخ أحمد: بعض الناس يتطاول على الشيخ ماء العينين ويسف موقفه من الجهاد.
الشيخ الطالب أخار: هذا من السفه والصفاقة الذي كثيرا ما يصدر عن ضعفة العقول وقد لا تخلو بيئة من هؤلاء الطغام.
إن الظروف والأوضاع بالنسبة للشيخ ماء العينين تختلف اختلافاً بيِّناً لمن قرأ عن حقبة الاستعمار عن ظروف الشيخين، فالشيخ ماء العينين له من الوسائل وطاعةِ الكلمة ما يُمكِّنُه من التصدي للمستعمر وهو غيرُ معذور في ترك الجهاد، وقد صرح هو رحمه الله بأنه لا عداوة له مع أحَدٍ إلا مع النصارىٰ ما داموا ناقضين لعهد المسلمين. وأطلب ممن يكتب عن جهاد الشيخ ماء العينين أن يقتصر على الحقيقة وأن لا يتعرض لأحد بما لا يليق. وفي المثل: يشكرْ الرسول ألّ ما عيب حليمة.