رحلت إحدى رائدات قيادة الطائرات في بريطانيا، ماري إليس، عن عمر يناهز 101 عاماً في 25 يوليو/تموز من هذا العام، وكانت من أوائل النساء اللواتي قدن الطائرات المقاتلة الثقيلة خلال الحرب العالمية الثانية.
وأشرفت إليس على توظيف مدنيين لقيادة الطائرات من مصانعها إلى المطارات خلال الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك لم تكن مساهمتها في المجهود الحربي موضع تقدير دائماً.
وفي بداياتها، عندما هبطت في إحدى القواعد الجوية للطيران الملكي، لم يصدق العاملون في المطار بأنها هي الكابتن التي قادت طائرة " ويلينغتون" التي هبطت للتو، فقاموا بتفتيش الطائرة حينها".
"كان الجميع مندهشين من قدرة شابة صغيرة مثلي على قيادة مثل هكذا طائرة كبيرة لوحدها."
ماري كانت سعيدة للغاية عندما سمعت إعلاناً عن وظيفة في شركة النقل الجوي على راديو بي بي سي عام 1941
حياتها
ولدت "ماري ويلكنز" في أسرة تعمل في الزراعة، في مدينة ليوفيلد بمقاطعة "أوكسفوردشاير" البريطانية، وترعرت بالقرب من القواعد الجوية للطيران الملكي في "بيسيستر وبورت ميدو".
وتحدثت عن طفولتها:" أخذني في إحدى المرات والدي في رحلة جوية ممتعة، أدركت لاحقاً أن تلك الرحلة رسمت مصيري إلى الأبد".
دفعها "شغفها بالجو والسماء" في سن المراهقة إلى أخذ دروس في الطيران في مطار مجاور.
وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، استطاعت بإجازتها في قيادة الطائرة وخبرتها أن تعمل في شركة النقل الجوي التي كانت تعمل في صيانة المعدات الحربية والطائرات، الأمر الذي سمح للسيدات المؤهلات للانضمام إليها كطيارات في عام 1940.
نساء شركة النقل الجوي البريطاني
نساء شركة النقل الجوي البريطاني كانت السباقات في إثارة جدل حول انضمام المرأة للعمل في قيادة الطائرات الحربية
تحيز ضد المرأة
وكانت مجلة " الطائرة" قد قالت في مقال افتتاحي عام 1940:" على النساء الراغبات في خدمة بلدهن، أن يمارسن أعمالاً تتناسب مع جنسهن بدلاً من السيطرة على أعمال الرجال".
وكتب محرر آخر وقتها:" التهديد الحقيقي هو المرأة، التي تظن نفسها بأنها قادرة على قيادة طائرات هجومية في غاية السرعة، في حين لا تمتلك ذكاءً كافياً لتنظيف أرضية المشافي بشكل صحيح".
رغم تلك العقلية السائدة، وعدم تلقي الدعم من أمها، إلا أنها تقدمت بطلب للعمل في شركة النقل الجوي والتي أعلنت عنها عبر راديو بي بي سي عام 1941، وقُبلت وقتها وعملت على الفور معهم.
وسرعان ما بدأت بالطيران في أجواء البلاد، تقود الطائرات الهجومية وقاذفات القنابل السريعة في جميع أنحاء البلاد".
ماري إليس وزملاؤها الطيارون
أثبتت ماري إليس للجميع بأن المرأة قادرة على أداء واجباتها بشكل جيد بما فيها قيادة الطائرات الحربية
كابتن
"كان العمل ممتعاً وخطيراً في أحيان كثيرة" كما سردت، وغالبا ما كان الطيارون يطيرون في طائرات غير مألوفة بالنسبة لهم، فيستخدمون " دليل الطيارين" لاتباع ارشادات الهبوط.
كان ذلك مثيراً جداً، وفي بعض الأحيان مخيفاً، لأن الطائرات كانت مختلفة". " كنت تتنقل بين أنواع مختلفة من الطائرات.
وحسب شركة النقل الجوي التي عملت فيها، فقد قادت إليس حوالي ألف طائرة خلال الحرب، بما في ذلك 76 طرازاً.
ماري إليس
في سردها لذكرياتها، تذكر إليس بأنها قادن نحو 1000 طائرة خلال الحرب العالمية الثانية
خطر الموت
تعرضت إليس عدة مرات في حياتها لخطر الموت، منها ما كان عن طريق الخطأ بنيران صديقة، أو حوادث نجت منها، وكان أخطرها عندما كانت تهبط بطائرتها بينما كانت طائرة أخرى تتجه نحوها وسط الضباب وكادت أن تصطدم بها.
ثم نجت من حادث آخر عندما اضطرت إلى الهبوط الاضطراري بسبب ارتفاع حرارة محرك الطائرة التي كانت تقودها وتحطم وقتها الجزء السفلي من الطائرة.
وفي عام 1951، دخلت سباق السيارات السريعة، وفازت بمهرجانات السيارات الرياضية، ثم أصبحت مديرة مطار سانداون في جزيرة وايت في خمسينات وستينات القرن الماضي.
ماري إليس
تقول ماري أن طائرة سبيتفاير كانت المفضلة لدى جميع الطيارين.