هلّ شهر الصوم الميمون للعام الحالي 1439 في النصف الثاني من شهر مايوم 2018، في حين صادف فاتح مايو للعام 1988 أي قبل ثلاثة عقود، بداية النصف الثاني من شهر الصيام للعام الهجري 1408، وكان العالم يتابع قمة اشتداد الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي امتدت عبر كل اراضي فلسطين لمواجهة القوى الصهيونية الغاشمة، بالحجارة والصدور العارية.. وفي هذه السنة لاح هلاله بعد يومين من اغتيال قائد هذه الانتفاضة خليل الوزير أوبو جهاد في 27 شعبان 1408 الموافق 16 ابريل 1988 في بيته بتونس، حيث كان يرسل كما ذكر زميله ورفيقه في النضال باهي محمد ( رسالة باريس، ج الرابع، ص: 125) تعليماته ونصائحه وتحليلاته ومواقفه إلى شبكات الداخل الفلسطيني بالفاكسميلي أو بشفرة سرية يتم بثها على أمواج إذاعة بغداد التي انعقد فيها المجلس المركزي لفتح في 07 يناير 1988 واعترف أبو جهاد في تسجيلات موثقة أنه لم يفكر إلا منذ مدة قريبة بتطوير الانتفاضة وتوسيعها وتعزيزها وإطالة امدها، كما اعترف أنه بسبب تكوينه العسكري كان يخطئ في إدراك الطبيعة الحقيقية الجديدة تماما لزلزال الانتفاضة، ويضيع قسطا هاما من وقته لإحصاء عدد السيارات التي تم تخريبها والحرائق التي أشعلت في الوكالات المصرفية والمخازن... بدلا من الانتباه إلى عنصر آخر أعمق دلالة وهو انحراط آلاف الأفراد ينتمون لسائر الطبقات: عمال، فلاحون، اطفال، مراهقون،صبايا، شيوخ...في موجات متتاية من المظاهرات، وهو الخيط الذي تتواصل دينامياته اليوم في الأرضي المحتلة ويتولى قيادته أبطال الداخل ورموز النضال في غزة الصامدة والضفة الغربية، ابطال يحملون خبرة وتراكم ثلاثة عقود من صمود ومطاولة المنتفضين العزل.. وكواكب من مشاريع الشهداء، يحل منهم ألف شهيد مكان شهيد، يلعنون السائرين في وهم السلام وخنوع الاستسلام.