يعود الحديث عن الموضوع الحقوقي و الاجتماعي و يعود البعض إلى حديث الإنكار لما هو واقع و التقليل من معاناة ضحايا الاسترقاق و مخلفاته و يعود معه حديث المبالغة و شيئ من الإثارة و ربما الاستفزاز و هي مناسبة لبسط رأي في هذا الموضوع :
1 – ليس من الوارد إنكار حقائق التاريخ و مشاهدات الواقع فقد مورس الاسترقاق في المجتمع الموريتاني بكل مكوناته و اشتهرت في هذا السياق مظاهر بشعة من إهانة النفس البشرية و ازدراء الكرامة الانسانية و لا يزال هذا الاسترقاق موجودا ، صحيح تراجع كثيرا و قلت حالاته خصوصا في المدن الكبيرة و لكن إنكاره بالمطلق مكابرة في شأن تشهد عليه الحالات المسجلة في المحاكم و المعروضة أمام الجهات المعنية فضلا عن توثيقها في التقارير المهتمة حقوقية كانت أو إعلامية ، أما مخلفاته و آثاره فأوسع و أشمل من أن تخفى على أحد .
2 – يعاني هذا الموضوع من تسييس مبالغ فيه خصوصا من طرف السلطة التي درجت على خطاب الإنكار للظاهرة رغم دسترة الحديث عنها و سن القوانين لمحاربتها و إقامة المحاكم للبت فيها ، و هو إنكار صاحب معظم فترات الدولة ، و التسييس ليس عيبا و لكن المبالغة فيه على نحو يعلي من شان الكسب لا الحل هو العيب ، لقد اعتبرت في مقال سابق أن الحل يكمن في التحرير ، تحرير الدين و خطاب مختصيه و دعاته من الطرح الاسترقاقي و تسويغه بالشرع ، تحرير سلوك السلطة و مؤسساتها من الإنكار و المكابرة و الاستغلال ، تحرير خطاب التحرير من المبالغة و الإثارة و إشارات الانتقام و الصراع ،تحرير خطاب بعض النخب من ربط التحرير و المواطنة بالفتنة و الفرقة .
3 – مع المكاسب التي تحققت و منها الدسترة و سن القوانين المجرمة و الجهود الرسمية و الشعبية و السياسية التي عالجت بعض الآثار و المخلفات و منها حصول حالة إجماع على محاربة الظاهرة و مخلفاتها مهما تحفظ البعض أو قيد أو لم يصل الفعل بالقول فإن هذا الموضوع يحتاج علاجا جديا يبدأ بالاعتراف و الشمول في العلاج و قدرا كبيرا من التمييز الايجابي .
4 – الدعوة للوحدة و نبذ الشقاق واردة و في محلها و الحرص على السلم الاجتماعي مبرر و مطلوب و لكن وحدة في غياب العدل و الانصاف مؤقتة و بلا مستقبل و سلما اجتماعيا قائما على ميزان القوة و الغلبة عابر بلا حماية مستدامة ، نحفظ الوحدة بالعدل و المساواة و نصون السلم الاجتماعي بالأخوة و المواطنة الحقة و لعمري فإن الاسلام بقراءته الصحيحة القائمة على العدل و القسط و التحرر و المتخلصة من الأسر للتاريخ و الفهم التقليدي المتجاوز يوفر ذلك و يعززه و يحميه .
من صفحة الاستاذ جميل منصور على الفيسبوك