إعلانات

محمد الشيخ سيدي محمد يكتب.. موريتانيا أندلسكم وفوق الجميع

جمعة, 19/01/2018 - 01:47

حقيق بالمعارضة في المنتدى أن تعيد خلط أوراقها، وتعمل على إعادة تنظيم صفوفها، ومن حق أحزابها الممثلة في البرلمان بأكبر كتلة أن تنظم مؤتمراتها وتجري مراجعات على أجندتها، وتقدم نموذجا من التداول بين المنصرفين للزعامة والعاملين للخدمة.

ومن حق فصيل متمحض في خطاب حرق الكتب، وسب العلماء و الرموز، والدعايات العنصرية ، ونشرخطاب الكراهية، أن يراجع أجندته، ويستقبل بحفاوة من قبل الحليقين والملتحين، ومن طرف اليمينيين واليساريين، ورجال الأعمال والنقابيين، وزعماء كانوا غرماء وحد بينهم مشهد الانتخابات القادمة فجأة، وأصبح البحث عن التكتل فوق المصلحة العامة للوطن، وأضحى تحالفهم بعد تخالفهم ،أعز عندهم من مزايا السلم الأهلي، ومنجز الاستقرار الذي هو أس وأساس العقد الاجتماعي المسمي الديمقراطية التعددية، التي يرفلون في حللها.

وبدا أن لا خطوط حمراء ، في حلف الأحزاب ، اذ أن الاعتراف بالأحزاب والحركات الانفصالية، التي تحمل الشحنات العنصرية، أصبح مطلبا يجمع على توقيع عرائضه، وفتح القنوات الخاصة له، وجمع التواقيع عبر المنتديات له، "كل من هب، ودب"

هذا وغيره، حلال في حلال بالنسبة لأطياف معارضتنا، في مشهد سياسي، الاصطفاف فيه مشاهد، وأجواءه احتفالية.وأصبح يتجه للأسف الى تكريس العنف اللفظي، ومحاولة تمزيق اللحمة الوطنية، والعبث بأقدس ما نملك مجتمعين،متمثلا في وحدتنا الوطنية القائمة على ثراء التنوع وغناه.

سقنا ذلك لأننا لم نفهم جيدا، صخب هؤلاء واستغراب بعضهم، لانشاء لجنة اصلاح المشهد السياسي في طرف الأغلبية الداعمة لخيارات رئيس منتخب ، كامل الصلاحيات السياسية ومرجعياتها الدستورية.

قرار طالما انتظره المخلصون لموريتانيا القديمة والجديدة، اتخذه فخامة الرئيس ، حرك المياه، وأيقظ مخاوف هؤلاء المتربصين، بأمن البلد ومنجزاته، فنقنقوا نقيق الضفادع بعد انشاء لجنة للاصلاح السياسي ولاستشراف المستقبل، وكأن الأغلبية التي تدعم مشروع البناء والنماء، ليس لها سائس يسوس، ولا قائد يوجه، وأن عليها أن تبقى تتثاءب، أو تصنع ردات الفعل على ما يقوله هذا المعارض، أو يشتهيه ذاك المغترب،أو تجتر صراعات مفبركة، على نصب لا تسمن ولا تغني رئيا من جن، أو إطعاما من جوع. صحيح ما فعل الأحمد العزيز، بارك الله في قراره ومسعاه.

ومن يقف على الرف، أو لا يتحاوب مع هذا النهج التشاوري للإصلاح، فهو إما رجله ، زلقة، مغتربة، أو آذانه فيها صلصلصة من عجل السامري منذ "رحل الرحيل"، ومنذ " صرفت أوهزمت دواعشه".

انها لحظة جادة ، لجمع الكلمة ولم الشمل ، بين مكونات أغلبية نومت، أو ألهيت بكل أطيافها السياسية، والحقوقية،والمجتمعية. وهي اليد المدودة بأصابعها الخمسة التي رأيناها في فلسفة قائد شجاع

لا يعرف النفاق، كرس مجاديف: السلم، والعلم ،والحلم ،والأخوة ،والمحبة، لتغيير مسؤول في عشرية كانت أمواجها عالية، في المحيط، وذارياتها عاصفة على الرمال المتحركة، وتجاذباتها شديدة بسبب شيوخ مردوا على اللهث وراء السراب.

أنتم أعضاء لجنة الاصلاح والاستشراف للمستقبل المغدق، يا من أمنكم وطنكم، كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.

ان الشأن السياسي له رجاله، كما أن التخصصات الأخرى يجب أن تحترم، فأول مخرج من هذا الطي والفتح، احترام التخصصات، وعلى اللجنة التي نالت ثقة القائد الموجه، أن تسبك ذلك سبكا.

إن الناظم لرؤية المشهد السياسي الموريتاني هو الاستثناء، فتجربتنا استثناء فريد في منطقتنا العربية، وفي قارتنا الإفريقية، سواء في فضاء الحريات، أوفي نزاهة الانتخابات والأوراق المدنية، أو الاستقرار النقدي، أومحاربة الإرهاب بأجندتنا ، واحترام ودسترة تنوعنا، وتسيير خلافاتنا، دون الخضوع لأية املاءات غربية ، أو الرضوخ لأية اشتراطات .

كذلك كنا ولا زلنا، تميزا في اخلاء السجون من معتقلي الرأي، والاعتراف بالأحزاب، وفتح القنوات الحرة، ورفض الاصطفاف في النزاعات المدمرة، واستنساخها واستيرادها، ونحن الأولى بالمعروف ، في تقديم يد المساعدة وأرتال الجنود لتعزيز المصالحات بين الأشقاء، وفتح سجلات التراضي بين المغرر بهم وعلماء الأمة العدول.

ان موريتانيا المئذنة والرباط، وقيم صناعة الأخلاق التليدة، يجب أن تدخل بواسطتكم ،الى القاموس السياسي الأخلاق قيمنا الخالدة، فلا يعقل أن نقبل بإدارة لا خلاق ، تؤز الخلوق فيها، ولا بأحزاب ولا بإعلام لا مواثيق ولاأخلاق مهنية تحكم نظم انتاجها ودعاياتها،.

المعارك التي يقودها المشرعون الأوروبيون والسلطات الديمقراطية ضد الجريمة الألكترونية ، والاعلام الفاشيستي الطي يروج للكذب والنميمة، و للكراهية والعنصرية والفئوية، تفرض تقنين مشهد أصبح مجالا للتكفير والتفجير، وملاذا لاستعمال مفرط لأسلحة الفتن والحروب الأهلية المدمرة .

لا مجال بعد اليوم للصراعات العبثية باسم هذا المترشح أو ذاك ، لأن المرشح الموحد يجب أن يكشف عنه قائد السفينة وقبطانها بوضوح تام.

وكل من يأفك الصراعات افكا، كبيرهم وصغيرهم يجب أن لا يتقدموا الصفوف، وأن لا تعطى لهم أزمة السفينة، لأن التجربة في فترات الرحيل والرحلة الاسشفائية واختبار اعتزال السلطة من قبل، كانوا يضحكون من باني السفينة ،ويستهزئون بفقراء السفينة، وهم كالملك الغاصب وكخراق السفينة من أسفلها، إذا لم نحسن الأخذ على أيديهم غرقوا وأغرقونا جميعا.

يتطلع إليكم شبابنا، الفئة الأهم خلال الخمسين سنة القادمة، هذا الشباب الذي يراد له، أن يكون مسخا، بلا هوية، وبلا حضارة وأن يستبدل أخوته ووشائج رحمه ، بألوان من الانسلاخ والضياع، والنباح والانبطاح

حتى الأمم العريقة والكبيرة ، تسيجت وتقوقعت، تخشى الأمم الصاعدة كالصين والهند وايران والروس والأتراك... ألا ترون الولايات المتحدة وأوربا ترتعد فرائصهم، من هذه المجتمعات الكبيرةالصاعدة بأدمغتها، وحيوية أجيالها الشابة؟ لسنا مصر، ولسنا نجيريا بالثلاثمائة وبالمائة مليون نسمة. نحن بالكاد أربعة ملايين مواطن وقاطن، على يابسة تسع المقصر وصاحب الطوال ترتيلا وصلاة، ومعاشا ومقاما.

هل نترك نعما نغبن فيها الثمانية مليارات من البشرية نهبة وهبة، هل نعطي أشرعة السفينة، والكتاب ، والسيف، والسنبلة والمحظرة، الى طارق أم الى حارق؟ ان السياسة ليست صراخا وعويلا، ومدحا وذما، وشيبا شتما، وأذية وسما ووشاية وفحشا، وأكلا لأعراض الناس أكلا لما.

السياسة انتخابات فيها الحوار وصنع المشترك، وفيها غالب ومن يصافح ويعارض الفائز، قطع للعلاقات مع إسرائيل، إنهاء لمعاناة سكان الكزرات وما ترمز له خماسينية من العذاب والذباب، بناء لمطار أم التونسي، زعامتنا لإفريقيا بلا رشوة، زعامتنا للعالم العربي بلا حبو ولا ذلة، إنتاج الطاقة النظيفة لمدن وأرياف الشناقطة، إصلاح النهر، إخراج مياه بحيرة اظهر، بناء جيش الجيوش، تحرير الفضاء السمعي البصري، إسناد الفقراء وضعفه العمال، تحريرعقل السلطة من وهم خرافات الكادحين والمفسدين....

على هذا الدرب يريد الموريتانيون السير عشر سنوات قادمة، يؤهل فيها الدستور، وتصان فيها المكاسب، ويوشح فيها الأحمد العزيز وكل عين سهرت معه، من أجل أن تحتل موريتانيا الصدارة في الأرقام القياسية لجميع مجالات الأمن والتنمية.

في عالم متوحش اليوم ، لا مستقبل لنا ، الا اذا نحن حافطنا علة مجاديف حضارة الأخوة بلا اكراه، والمحبة بدون رشوة.

في السياسة المصالح أولا، بل المصانع أولا، وليست هناك مصانع أغلى من العقول وأغلى ما يملكه الموريتانيون، ليس التجارة والبج، بل الثقافة والفصاحة، والدعوة والديانة ، دين الخلص: القانع،والقائم، الصائم ، والمخبت،الحاج، و المعتمر.

هؤلاء أمناء الآمة، وهل تقدم أمة الرشاد الا أمناءها.، في البيع والشراء، وفي إمامة الصلاة وحلق العلم، وفي الوغى إذا اشتذ البأس، وفي زمن أكلت الأمة البراغيث من حضرموت باليمن الى بغداد عاصمة الرشيد، ومن جبال الهملايا بالهند الى مآذن تمبكتو بالساحل يقولون ان عالما من علماء الأندلس نجا حين أحرق أهلها في المحارق الجماعية ، واستبيحت حضارة قصور الحمراء، وأجناد غرناطة.

كان كل ما أنهى الدرس بالأزهر الشريف، ببلاد الكنانة..سأله أحدهم: كيف خسرتم الأندلس وفيها ما فيها من العلماء ، والحكماء، والأجناد، والثروات ، ما هو سبب "الشتات الأندلسي"، بعد ثمانية قرون، بنيتم خلالها مجدا وحضارة أضاءت الطريق للنهضة الأوروبية ، وهل لك أن تخبرنا كيف سقطت غرناطة آخر جواهر الأندلس التي فقدتم عام 1492 للميلاد؟ فيحجم.... وتارة عيناه تدمع.. أو زئير زفرات بصدره تسمع.

لكنه مرة باح فقال: ضاعت قصورنا، وأموالنا ، وحصوننا، وأعراضنا، ومكتاباتنا، وجنان جناتنا، لأننا تركنا أخلاق المئذنة وحلق المحظرة، واشتغلنا بفتن الشهوات، وريب الشبهات، تأخر العلماء وضيعناهم وتقدم الوشاة والعراة...فخربت المدائن .وضاعت قصور القينات والمعازف.

أيها الناصحون، ما أحجمنا عنكم، ولقد استخلفتم، والناس شهداء عليكم فأخلصوا في النصح.

هذه أندلسكم إن ضاعت منكم، معارضة محاورة وأخرى مقاطعة، وأغلبية متماسكة وأخرى متشاكسة..فأي سماء تظلكم، وأي أرض تقلكم؟

لقد نصح لكم من أمنكم ووفي، وحملكم الأمانة، التي تدركون عظم مسؤولياتها وتضحياتها. وقال هذا الأحمد العزيز مرارا للجميع ولكم : إن مصلحة موريتانيا فوق الجميع.

بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد

أستاذ وكاتب صحفي.