عن ابن عباس قال: (جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: إنى أحدث نفسى بالأمر لأن أكون حممة أحب إلى من أن أتكلم به. فقال له رسول الله: الحمد لله الذى رده إلى الوسواس) رواه ابن أبي شيبة. .
امتشق الكنتي كهامه المفلل لفل حزب تواصل وتقويض أسسه الفكرية لأغراض شتى، عبر سلسة من المقالات من أهمها “لاهوت التبرير” وقد كان رغم هشاشة منطلقاته وهزالة مستخلصاته يأرز إلى أثارة من علم، ويتزيى بسجف يتسع خرقه على راقعه من مناهج البحث، حتى إذا نفد ما في الجعبة ولم يزد ذلك أهل تواصل إلا قوة وتألقا وبلغ المنتسبون إليه نحو 10% من اللائحة الانتخابية الوطنية وانعقد مؤتمر أبهر المتابعين من عدو لدود وصديق ودود، فبدا حزبا متقدما بكل المقاييس على الساحة الوطنية لم يجد الكنتي سبيلا يتنقص به تواصل غير سبيل الوسوسة، فانقلب من باحث مفترض له مراجعه ومصادره وله أدلته وبراهينه على تحليله وقراءاته إلى متتبع لتدوينات يجتزئها كما يشاء ويحللها كما يتمنى –والأماني والأحلام تضليل- في مشهد يدعو إلى الشفقة والرحمة وتلك إحدى مزالق العداوة التي تعمي وتصم.
تتبع الكنتي تدوينات كانت في معظمها مدحا وتهنئة للرئيس محمد محمود سيدي بما فيها تدوينة لكاتب هذه الحروف، فانتقى كلمات لا لبس فيها في سياقها ليبتسرها ويحملها ما لا تتحمل، وبعكس نية الكاتب فقد ساهم ذلك في نشرها لأن أي قارئ منصف سيعود إلى أصل التدوينات وحينئذ سيعرف من هذا الكنتي الذي يقرأ له، وأي منهج تحليلي ينتهج، وقد قال الشاعر:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ** طويت أتاح لها لسان حسود.
ليس في مضمون وسوسة الكنتي ما يستحق الرد غير أنني سأبدي ثلاث ملحوظات:
– الأولى أن القارئ لن يلقى كبير عناء في اكتشاف عدم فهم الكنتي دلالة الأستاذ وهو من أشرف الأوصاف عبر التاريخ، حمله أكابر العلماء وبعض الملوك:
يقول المتنبي مادحا كافور في رائعة من روائعه:
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا ** فبل اكتهال أديبا قبل تأديب
ويقول سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم واصفا أبا إسحق الإسفرايني:
وهو مفضل على العيني ** في زعم الاستاذ مع الجويني
وكان الأستاذ كرسيا يعين مستحقه من قبل الخليفة وممن شغل ذلك الكرسي أبو الوفاء علي بن عقيل الأستاذ في جامع المنصور (بغداد) وفي عصرنا الحاضر “تطلق الأستاذ أو بروفسور على الأستاذ الجامعي المختص في علم ما، وهو أعلى مرتبة علمية في الجامعة ” (ويكا بيديا).
فما أشبه الكنتي حين يرد على أهل تواصل لقب الأستاذ بالطفل الذي يمنحه مكرمه ألف أوقية فيصر على مائته التي ألف وعرف قيمتها.
– الثانية: أن الكنتي مدح الرئيس الجديد حين شبهه بيحيي السنوار –وهو لمن لا يعرفه قائد حمساوي رئيس المكتب السياسي لحماس بغزة، خلفا لإسماعيل هنية، مجاهد ألف السجون وألفته، وله قدرات قيادية بارزة- فلو لم تلبس على الدكتور الوسوسة أمره لم تضن عليه ذاكرته ذات الثقافة العالمية بمن التشبيه به لا يكون مدحا، فما أعجب كيف صرف الله الذم عن رئيسنا المحمد المحمود إلى مدح!!.
– الثالثة: أن الذي فرض د. محمد محمود سيدي على أهل تواصل هو نصوصهم وكفاءاته وتاريخه ووزنه، ولا شك أن المؤتمرين يأخذون تجربة الحزب والظروف الوطنية والإقليمية بعين الاعتبار، لكن الخيارات لا تضيق بحزب هو نهشل بل خير من نهشل.
إنا بنو نهشل لا ندعي لأب ** عنه ولا هو بالآباء يشرينا
إن تبتدر غاية يوما لمكرمة ** تلق السوابق منا والمصلينا
وليس يهلك منا سيد أبدا ** إلا افتدينا (غلاما) (سيد) فينا
ومنتسبوه كما قال الآخر:
وإني من القوم الذين هم هم ** إذا مات فيهم سيد قام صاحبه
نجوم سماء كلما غاب كوكب ** بدا كوكب تأوي إليه كواكبه
محمدن الرباني