رزئت فيه الأمة وعائلتنا الصغيرة، ورحل في خطوط الفجر الأولى بعد أن غادر للنوم في كامل أناقته واستعداده الإنساني ودويه الشعري والإبداعي العاصف وحيويته الذهنية وتوثبه الروحي..ذهب إلى سرير نومه منصتا إلى عبقريته الفريدة وصوته الداخلي المغرد كعصافير الشام، الشام التي أخذ منها بعض بهائه وأناقة مظهره، ورقة ألفاظه وترتيب إلقائه، ذهب على هذا الحال وحين كان بياضُ الفجر يخالط ما بقي من غبش الجمعة الثالثة من ربيع الثاني استيقظ الجميع على الأنات وكمد لوعة الفقد والغياب المنبعث من حواضر موريتانيا وآكامها البعيدة باكية عليه بقلوب دامية كلومة، ودموع حرى.. مستحضرة كل من زاوية نظرته إشعاع الراحل وسحر بيانه ونزاهة واستقامة تفكيره بدرجة من التواتر والإشادة يصعب أن تحصل إلا لمن أتاه الله من المكارم الخلقية ما لم يسبق إليه في زمنه على الأقل.
رحم الله من جمع معازف الفن الجميل مع ورشات المهندسين وصناعتهم، ومن جمع قلوب مواطني كل جهات بلده في وقت ضجّت فضاءاتها بالفظاعات وكل ما يفرق النفوس ويفشي التدابر والانقسام.
اللهم طيب ثراه، واكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه، واحسن اللهم فيه العزاء للوالدة المحتسبة الصابرة ولإخوانه وأهله واصدقائه ومحبيه.
إنا لله وإنا إليه راجعون.