إعلانات

هل تقف أوكرانيا وراء انفجارات "سفينة" قبالة سواحل السنغال؟

خميس, 04/12/2025 - 02:47

فرانس 24

 

تعرضت ناقلة شحن تركية مرتبطة بالمصالح الروسية لأضرار جسيمة جراء عدة انفجارات قبالة سواحل السنغال. وبينما لم تعلن كييف مسؤوليتها عن العملية، فإن طريقة التنفيذ تشبه الهجمات التي استهدفت في الأشهر الأخيرة سفنا تابعة "لأسطول الشبح" الروسي، ما يثير الشكوك حول توسع خفي للحرب في أوكرانيا حتى السواحل الغربية لأفريقيا.​

السفينة التجارية «ميرسين»، المرتبطة بمصالح روسية، تضررت جرّاء عدّة انفجارات قبالة سواحل السنغال. © استوديو غرافيك فرانس24

هل تمتدّ ذراع أجهزة الاستخبارات الأوكرانية إلى السنغال؟ طُرحت هذه الفرضية في سياق الانفجارات التي ألحقت أضرارًا بناقلة النفط "ميرسين" التركية، المتهمة بالانتماء إلى "الأسطول الشبح" الروسي، قبالة سواحل دكار.​

أما ناقلة "ميرسين"، التي ترفع علم بنما لكنها مملوكةٌ لمالك سفن تركي، فقد أصيبت بأربع انفجارات خارجية عند هيكلها يوم الخميس 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وفق ما أكدته شركة "بيشيكتاش شيبنغ" المشغّلة للسفينة يوم الإثنين 1 ديسمبر/كانون الأول.​

هدف مشروع للأوكرانيين

"تمت السيطرة على الوضع فورًا، وجميع أفراد الطاقم في أمان وبصحة جيدة؛ لم يُسجَّل أي جريح، ولا خسائر بشرية، ولا تلوث"، بحسب ما أوضحت شركة "بيشيكتاش شيبنغ"، مع الإشارة إلى أنّ مصدر الانفجارات لا يزال غير محدّد.​

سرعان ما تركزت الشكوك على أوكرانيا، التي لم تعلن رسميًا تنفيذ أي عملية ضد "ميرسين". وليس ذلك مستغربًا، فهذه الناقلة التي كانت تنقل وقودًا ليست مدرجة على أي قائمة عقوبات، وإذا كانت أوكرانيا فعلًا وراء هذه الانفجارات "فلن ترغب في الاعتراف رسميًا بتورطها"، كما يوضح ديرك سيبيلس، الخبير في أمن الملاحة البحرية لدى شركة الاستشارات "ريسك إنتليجنس"​.

في أوقات الحرب، "يتعيّن على الأطراف المتحاربة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. ومع ذلك، فقد أثبتت الحربان العالميتان أن الأسطول التجاري يمكن أن يتحول إلى هدف في إطار حرب اقتصادية"، كما يذكّر باسيل جرومون، المتخصص في قضايا الأمن الدولي والبحري في جامعة لانكستر. ومع ذلك، في حالة "ميرسين" – وهي سفينة تجارية لا تربطها صلة رسمية بروسيا – يمكن أن يكون أي إعلان أوكراني بالمسؤولية مثيرًا للجدل.​

مع ذلك، تبقى هذه الناقلة "هدفًا مشروعًا في نظر الأوكرانيين"، وفق ما يؤكد ديرك سيبيلس. فقد تم رصد "ميرسين" عدة مرات منذ بداية العام في موانئ روسية مثل نوفوروسيسك وتوابسي على البحر الأسود، وكذلك أوست لوغا في خليج فنلندا، بحسب موقع التحقيقات الروسي "ذا إنسايدر"​.

كما أنّ "ميرسين" نقلت نفطًا روسيًا، بحسب وكالة "بلومبرغ"، أول وسيلة إعلامية غربية كشفت أمر الانفجارات التي استهدفت هذه الناقلة. "بالنسبة للسلطات الأوكرانية، كل سفينة تنقل نفطًا أو شحنات روسية تدرّ أموالًا على الخزينة الروسية، وبالتالي تساهم بشكل غير مباشر في تمويل المجهود الحربي تعد هدفا مشروعا"، يلخّص ديرك سيبيلس.​

تصاعد في عدد الهجمات على "الأسطول الشبح" الروسي

يأتي الحادث قبالة سواحل السنغال في سياق تصاعد الهجمات على سفن تُنسب إلى "الأسطول الشبح" الروسي، أي تلك السفن التي تستخدمها موسكو لتصدير منتجاتها النفطية التفافا على العقوبات الدولية.​

وهكذا، "تشبه طريقة التنفيذ إلى حدّ كبير ما استُخدم ضد ناقلات أخرى من النوع نفسه في الأشهر الأخيرة"، وفق ديرك سيبيلس. وقد أحصى مراقبون سبع سفن مرتبطة بروسيا تعرّضت لأضرار أو غرقت إثر انفجارات "غامضة" قبالة ليبيا وتركيا وإيطاليا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024.​

لم تكن أي من هذه السفن مدرجة على قوائم العقوبات، و"لم تعلن أوكرانيا تبني هذه العمليات، لكن جميع السفن كانت تنقل محروقات روسية، كما أن هياكلها تضررت بفعل انفجارات"، بحسب ديرك سيبيلس.​

الناقلة "ميرسين" المتضررة قبالة سواحل السنغال

بعد يومين من الأضرار التي لحقت "بميرسين"، تعرّضت ناقلتان أخريان من "الأسطول الشبح" الروسي لهجوم في البحر الأسود، وهذه المرة أعلنت كييف مسؤوليتها عن العمليتين.

فقد تسببت زوارق مسيّرة بحرية من طراز "سي بيبي" في أضرار جسيمة يومي الجمعة 28 والسبت 29 نوفمبر/تشرين الثاني لناقلتين قبالة السواحل التركية. وكانت ناقلتا "كايرو" و"فيرات" – اللتان ترفعان علم غامبيا – فارغتين لحظة الهجوم ومتجهتين نحو المحطة النفطية في ميناء نوفوروسيسك.

هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها كييف صراحة عملية من هذا النوع وتستخدم زوارق مسيّرة بحرية ضد سفن مدنية. وعلى عكس الانفجارات التي استهدفت ناقلات أخرى، كانت "كايرو" و"فيرات" هذه المرة مدرجتين على قائمة السفن الخاضعة للعقوبات بسبب دورهما في تسهيل الصادرات غير القانونية للنفط الروسي.

ورغم أن هذه الأهداف قد تبدو أكثر "شرعية"، فإن العملية لا تزال محفوفة بالمخاطر. لأن "استهداف سفن في مناطق بحرية تجارية تشهد حركة كثيفة يعني دائمًا احتمال ضرب هدف خاطئ أو التسبب بأضرار جانبية قد تؤدي إلى خسائر في صفوف المدنيين"، كما يشير ديرك سيبيلس.

من المحتمل أن يكون هذا هو السبب الذي دفع أوكرانيا إلى الإسراع في التوضيح بأنها استخدمت أفضل الزوارق المسيّرة التي تمتلكها. فهذه الزوارق من طراز "سي بيبي"، التي تُوجَّه عن بعد عبر اتصال بالأقمار الاصطناعية من نوع "ستارلينك"، تستفيد منذ تحديثات عام 2025 من قدرات متقدّمة للتعرّف إلى العوائق بمساعدة الذكاء الاصطناعي ومن نظام محسّن لتتبع الأهداف بشكل تلقائي، وفق ما يشرح باتريك ريني هاسلر، المحلل المتخصص في الفضاء ما بعد السوفياتي ضمن "الفريق الدولي لدراسة الأمن" في فيرونا.

ومع ذلك، يبقى من الضروري التأكّد من أن هذه السفن لا تنقل النفط لحظة تنفيذ الهجوم. "فالزوارق سي بيبي تحمل شحنات متفجّرة كبيرة تبلغ 850 كيلوغرامًا، ما قد يتسبب في موجات صدمة قادرة على إلحاق أضرار بسفن مجاورة، فضلًا عن أضرار بيئية جسيمة إذا كانت الناقلة المستهدفة محمّلة بالنفط"، يضيف باتريك ريني هاسلر.

هل نتجه نحو صراع عالمي؟

رغم هذه المخاطر، تبقى الهجمات الأوكرانية على "الأسطول الشبح" الروسي مفهومة، بحسب باتريك ريني هاسلر، إذ إن "روسيا تعمل على تعزيز دفاعات بنيتها التحتية الطاقية في مواجهة هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية. وقد تكون أوكرانيا اعتبرت أن العمليات ضد هذه المنشآت ستصبح أقل فاعلية في المستقبل، ما دفعها إلى النظر إلى هذه الناقلات باعتبارها أهدافًا مفضّلة".

ويمكن أن يبدو "الأسطول الشبح" هدفًا أكثر جاذبية أيضًا، لأن "هذه الناقلات مضطرة، بحكم طبيعتها، إلى الحفاظ على درجة عالية من الاستقلالية والإبحار بأكبر قدر من السرية. ولذلك يصعب على روسيا تأمين حمايتها"، كما يوضح باسيل جرومون. فموسكو، التي ترفض الاعتراف بوجود "أسطول شبح"، لن ترسل سفنًا حربية روسية لمرافقتها، ولن تُركِب على متنها عسكريين روسًا لحمايتها.

ومع ذلك، إذا كانت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية هي فعلاً من يقف وراء الانفجارات التي ألحقت أضرارًا "بميرسين" قبالة السواحل السنغالية، فإن العملية تشكّل توسعًا حقيقيًا لنطاق الصراع الروسي الأوكراني إلى ما يتجاوز البحر الأسود أو البحر المتوسط.

هل يعني ذلك القدرة على تنفيذ عملية على بعد أكثر من خمسة آلاف كيلومتر من كييف؟ "لقد تورّط الأوكرانيون من قبل في عمليات استهدفت مرتزقة روسًا، ولا سيما في السودان"، يذكّر ديرك سيبيلس.

وبرأيه، فإن هذا الجهد يبقى مبرَّرًا إذا كان الرهان يستحق العناء: "إذا أرادت أوكرانيا إيصال رسالة مفادها أن السفن التي تقبل بنقل النفط الروسي لن تكون في مأمن في أي مكان، فهذا هو النوع من العمليات القادر على ترك أثر قوي في الأذهان".

وإذا تأكد فعلًا أنها عملية أوكرانية، "يمكن عندها التساؤل قبل كل شيء عمّا إذا كانت هذه الحرب قد دخلت مرحلة جديدة، هي مرحلة صراع عالمي"، يتساءل باسيل جرومون. حرب لم تعد محصورة داخل الحدود الأوكرانية، ولا حتى داخل حدود أوروبا مع الحرب الهجينة الروسية، بل تمتد لتغامر في مياه الأطلسي قبالة سواحل أفريقيا.