القاهرة – محمد صلاح (الحياة)
بدا أمس أن أطراف المعركة ضد الإرهاب في شمال سيناء تستعد لإعادة ترتيب الأوراق بعد المجزرة التي شهدها مسجد الروضة في بئر العبد، وارتفع عدد ضحاياها إلى 305 قتلى و128 جريحاً، وفق السلطات الرسمية، إذ جرت اتصالات بين مشايخ وقيادات قبائل سيناء في محاولة لتوحيد جهودهم بشأن التعامل مع التنظيمات المتطرفة المسلحة في مناطقهم، وبين قيادات القبائل من جهة والمؤسسات الأمنية والعسكرية المعنية بمكافحة المسلحين في سيناء من جهة أخرى، لتنسيق قنوات التواصل «بهدف تحقيق أقصى استفادة من خبرة القبائل ومعلوماتها عن تلك القوى المتطرفة».
وقال الجيش المصري أمس، إن القصف الجوي والملاحقات التي استهدفت المتورطين في المذبحة تمت «بناء على معلومات استخباراتية مؤكدة وبتعاون مع أبناء سيناء»، وأسفرت عن مقتل عدد من المتطرفين.
وكشفت النيابة العامة أن عناصر تكفيرية تنتمي لتنظيم «داعش» يتراوح عددها ما بين 25 و30 عنصراً، نفذت المجزرة بحق المصلين في مسجد الروضة قبل أن يفروا مستقلين 5 سيارات دفع رباعي.
وعقدت قبائل في سيناء اجتماعاً في منطقة البرث في رفح، معقل قبيلة الترابين، وسط إجراءات أمنية مشددة، خشية تنفيذ هجوم مباغت يستهدف قيادات القبائل، أصدرت في أعقابه بياناً يتوعد التكفيريين بـ «الثأر». وقال البيان: «سنقتلكم، ولن تأخذنا بكم رأفة. المجزرة الجماعية ضد أهل سيناء وقبائلها (في مسجد الروضة) وهم يصلون، ستجعلنا ناراً تحرقكم».
وجرت اتصالات بين قيادات قبلية في مسعى لطي صفحة الخلافات بينها بخصوص التعامل مع المسلحين المنضوين في الجماعات المسلحة التكفيرية من أبناء القبائل، وخصوصاً بين قبيلتي الترابين والسواركة، بهدف توحيد جهود القبيلتين في المعركة ضد الإرهاب.
وأغلقت قبيلة الترابين طرقاً ومدقات جبلية عدة في المنطقة الشرقية في شمال سيناء، التي تخضع لسيطرتها، إضافة إلى إغلاق مدقات تؤدي من تلك الطرق الرئيسية المعبدة إلى قلب الصحراء الجنوبية المتاخمة لمدينتي رفح والشيخ زويد، فيما عُهد إلى مسلحين يتبعون قبيلة «السواركة»، التي يتحدر منها غالبية ضحايا الهجوم على مسجد الروضة وتنتشر في المنطقة الغربية، خصوصاً في غرب الشيخ زويد والعريش وبئر العبد، بحماية المدقات الجبلية في مناطقهم، وقطع أي طرق محتملة لفرار أو تسلل المسلحين الذين يلوذون بجبال سيناء.
وتداولت مواقع محسوبة على تيارات تكفيرية بياناً لم يتسنّ التأكد من صحته منسوباً إلى تنظيم «ولاية سيناء» التابع لـ «داعش»، يعلن فيه تبني الهجوم، فيما أصدرت جماعة «جند الإسلام» المحسوبة على «القاعدة» والتي قتلت قبل أسابيع مسلحين تابعين لـ «داعش»، بياناً تبرأت فيه من الهجوم على مسجد الروضة وانتقدت منفذيه، لكنها في الوقت ذاته حذرت أهالي سيناء من التعاون مع الجيش.
وكانت النيابة العامة المصرية ذكرت في بيان أمس، نقلاً عن شهادات مصابين استجوبهم فريق من أعضائها في نطاق التحقيقات التي تجريها، أن بعض المسلحين الذين هاجموا المسجد رفعوا راية تنظيم «داعش» وهم يطلقون النار من باب المسجد ونوافذه.