
السالك ولد اباه
*تجربة غزواني بين الحكمة السياسية والرهانات الثقافية: قراءة في إدارة الخلاف وبناء الاستقرار*
*1. تمهيد:*
في محيط إقليمي مضطرب، استطاعت موريتانيا منذ 2019 أن تكرس تجربة هادئة في الانتقال السياسي والتدبير السلمي للخلافات الداخلية. وقد شكلت رئاسة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني محطة فارقة في هذا المسار، حيث ساد خطاب التهدئة والإنصاف بدل التوتر والمجابهة، مما وفّر بيئة سياسية مستقرة مكّنت من إعادة بناء الثقة بين السلطة والنخب، و توجيه النقاش العمومي نحو القضايا الجوهرية.
---
*2. منهج غزواني في إدارة الخلاف:*
امتاز الرئيس غزواني منذ توليه الحكم اتباع سياسة هادئة، لا تقوم على المواجهة أو الإقصاء، بل على فتح أبواب الحوار، وتوسيع دائرة التشاور. وهو ما تُرجم عمليًا من خلال:
- تهدئة الخطاب السياسي في ظرف كان شديد الاستقطاب.
- احتواء مكونات المعارضة التقليدية والتقارب معها بآلية غير صدامية.
- الحرص على الأمن الداخلي وتحصين البلد من التوترات العرقية والإثنية التي تهدد دول الجوار.
- الدفع التدريجي نحو إصلاح اجتماعي واقتصادي دون المساس بالتوازن العام.
لقد استطاعت هذه المقاربة أن توفر مظلة استقرار سياسي وأمني، في وقت تعاني فيه عدة دول مجاورة من صراعات دامية وانقلابات متتالية، مما يؤكد خصوصية التجربة الموريتانية ونجاعتها في إدارة التعدد والتباين.
---
*3. ملاحظات حول إدارة ملف الهوية الوطنية:*
رغم هذه الإيجابيات، فإن ثمة ملاحظات وتحفظات تُسجَّل فى افق مخرجات الخطاب الثقافي المتولد عن مسار الحوار الوطني المرتقب ، لا سيما ما يتعلق بمسألة الهوية:
- *التركيز المفرط على التعدد العرقي والثقافي* دون تأكيد
واضح على الهوية العربية الإسلامية التي تشكل القاسم الجامع للأغلبية، قد يفتح الباب لتأويلات مقلقة.
- *خطاب بعض المشاركين في التمهيد لمسار الحوار* المنتظر يوحي بمحاولة تقديم المكون البيظاني كأقلية عرقية ضمن "موزاييك إثني"، بدل الاعتراف بدوره المركزي في تأسيس الدولة، وإسهامه التاريخي في مقاومة الاستعمار، وإرساء الوحدة الوطنية.
- *التمييع غير المدروس لمعنى التعدد* قد يُستثمر سياسيًا من أطراف خارجية أو داخلية لإضعاف البنية الوطنية الجامعة، باسم الدفاع عن حقوق ثقافية أو لغوية.
من هنا، فإن الحفاظ على الوحدة لا يكون بإلغاء الأغلبية أو التشكيك فى مركزيتها، بل بالاعتراف بكل المكونات، مع احترام التوازنات الديموغرافية والتاريخية.
---
*4. التوازن المطلوب:*
المطلوب اليوم ليس العودة إلى خطاب الإقصاء أو التنكر للتنوع، وإنما الابقاء على هوية وطنية جامعة، تقوم على معطيات موضوعية:
- موريتانيا بلد عربي إفريقي مسلم، وهذا الثلاثي على الرغم من أن الانتماء الافريقى قاري لا علاقة له بهوية السكان ؟؟؟ ينبغي أن يظل أساسًا للدستور.
- - وتبقى اللغة العربية، وفقًا لذلك، هي اللغة الرسمية،التى ينبغي حمايتها وتعميمها دون المساس با الثقافات المحلية.
- المواطنة لا تقوم على العرق، بل على الحقوق والواجبات، ولا يحق لأي خطاب أن يشكك في انتماء أي مكون، أو يحتكر الحديث باسم "الضحايا". فى مظلمة مفبركة على خلفية تبادل لاطلاق النار داخل ثكنة عسكرية صدر فيها عفو وتم تعويض الضحايا هدفها الابتزاز السياسي بمتواليات هندسية لاتتوقف فضلا عن التسويق الخارجي
---
*5. خاتمة:*
لقد قدّمت رئاسة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نموذجًا رصينًا في إدارة الخلاف وتحقيق الأمن السياسي، غير أن ملف الهوية يظل من الملفات الشائكة التي تتطلب وضوحًا في الرؤية، وتوازنًا في الخطاب، حتى لا تتحول النيات الطيبة إلى بوابة لإضعاف الدولة أو التشكيك في مرتكزاتها.
إن ترسيخ الاستقرار السياسي لا يكتمل إلا بحسم الأسئلة الكبرى بجرأة وهدوء[[، اعذرونى فى حمل السلاح دفاعا عن الهوية بالموقف والقلم ]] وأولها سؤال الهوية، الذي لا يحتمل التأجيل، ولا التمييع.

