
تشهد القارة الأفريقية موجة غير مسبوقة من الانتهاكات ضد الصحفيين، من غينيا إلى شرق الكونغو، حيث تتكرر حوادث الخطف والاعتقال والاغتيال وسط إفلات شبه كامل من العقاب، رغم أن هوية الجناة معروفة في كثير من الحالات، وفق ما أورده تقرير إذاعة فرنسا الدولية.
بوركينا فاسو.. "الصحفيون الوطنيون" فقط
في بوركينا فاسو، لا يزال مصير الصحفي الاستقصائي سيرج أولون مجهولا منذ أن اقتحم مسلحون منزله في 24 يونيو/حزيران 2024، واقتادوه إلى جهة غير معلومة. لاحقا، تعرض عدد من الصحفيين البوركينابيين لعمليات خطف مشابهة.
ويشير التقرير إلى أن السلطات العسكرية لم تتردد في اقتحام مركز الصحافة الوطني "نوربرت زونغو"، الذي يحمل اسم الصحفي المغتال عام 1998، في خطوة رمزية تعكس تضييقا متزايدا على حرية التعبير.
ويفرض نظام الجنرال إبراهيم تراوري -منذ وصوله إلى السلطة بانقلاب عسكري أواخر 2022- رقابة صارمة، ولا يسمح إلا بما يسميها "الصحافة الوطنية"، أي تلك التي تكتفي بنشر بيانات الرئاسة، أما الأصوات المستقلة، فإما أن تُعتقل أو تُجبر على الالتحاق بجبهات القتال ضد الجماعات المسلحة.
غينيا.. اختفاء في وضح النهار
في غينيا، اختفى الصحفي حبيب مروان كامارا، مدير موقع "الكاشف 224″، بعدما أوقفه عناصر من الجيش والحرس في قلب العاصمة كوناكري في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وكان كامارا، المعروف بانتقاداته اللاذعة، يواجه تهديدات متكررة، خصوصا بعد خلاف مع وزير في الحكومة. ومنذ اختفائه، لم تقدم السلطات أي توضيحات، بينما لجأت زوجته إلى كتابة رسالة مفتوحة إلى رئيس المجلس العسكري الحاكم، الجنرال مامادي دومبويا، مطالبة بكشف الحقيقة.
وحسب إذاعة فرنسا الدولية، تراجعت غينيا 25 مرتبة في تصنيف حرية الصحافة لعام 2025 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، وهو أكبر تراجع تسجله دولة أفريقية هذا العام.
الكونغو الديمقراطية.. بين التهديد والاغتيال
وحسب التقرير، فإن الوضع أكثر مأساوية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث رصدت "مراسلون بلا حدود" أكثر من 50 اعتداء على صحفيين منذ 2024 في إقليم شمال كيفو الخاضع لسيطرة حركة "إم 23".
فقد عُثر على الصحفي فيستون ويلوندجا مقتولا في أغسطس/آب 2024 بعد تعرضه للتعذيب والخنق، بينما اضطر زميله توفير ووندي إلى الفرار من مدينة غوما إثر اعتقاله وتعذيبه على يد المتمردين، قبل أن يُعتقل مجددا في كينشاسا من قبل أجهزة الأمن الحكومية.
ورغم هذه الانتهاكات، فإن منظمة "صحفيون في خطر" الكونغولية حصلت على جائزة حرية الصحافة من منظمة "مراسلون بلا حدود"، في اعتراف دولي بجهودها في توثيق الجرائم ضد الإعلاميين.
إفلات من العقاب
يؤكد مدير مكتب أفريقيا في "مراسلون بلا حدود"، صديبو مارونغ، أن "الجهات التي يفترض بها حماية الصحفيين، أي الدول والسلطات المحلية، هي نفسها التي ترتكب هذه الجرائم". ويضيف، حسب ما نقلته إذاعة فرنسا الدولية، أن الحل يكمن في "التوثيق المستمر، وتقديم الشكاوى، وترك آثار قانونية، حتى يأتي يوم تتحقق فيه العدالة".
المصدر: الجزيرة

