
من بين العديد من المذيعين الذين كنت ألتقي بهم يوميا ونتحدث في مجالات العمل الإذاعي والفن والمجتمع الموريتاني , وكم ساعدت من يريد المساعدة لأن أكثرهم كانوا قد حصلوا على شهادات غير عالية , لأن الجامعة لم تكن موجودة بعد , وكل من يريد الحصول على شهادة جامعية كان يذهب إلى المغرب أو الجزائر أو مصر ثم فتح الطريق إلى العراق وسوريا عن طريق المساعدات الثقافية الرسمية وعلى حساب الدول العربية ؟
إذاً فإنني كنت أقدم ما لدي من خبرة , ثقافية , أو فنية , أو تقنية , أو اجتماعية , وقد تكونت لي صداقات مع أغلبهم , وتفاوتت متانة الصداقة حسب مدى حب وتعلق الشخص بالوحدة العربية هدفا ومصيراً - وكان أحمد ولد بياه واحدا منهم !
وعند حدوث مشكلة ابتلاع الإذاعة الموريتانية لحقوقي القانونية وهضمها , وقد رأى الجميع الظلم الذي وقع عليَّ دون أن يستطيع أحد القيام بما يرد الظلم عني , عندما أجابني مدير الإذاعة أنه لو كان بدلا مني لأخذ الأشرطة وحرقها في فناء الإذاعة , وأجبته حينها بأن الأشرطة ليست ملكاً لي بل هي ملك لجمهوري الذي لم يقدم لي إلا كل الخير ؟
وكذلك فعل مدير التعليم الثانوي الذي أبى التعاقد معي , مما جعلني أُجبر على التوجه إلى الفن , رآني أحمد ولد بياه في بهو الإذاعة - وهو يعرف ما حل بي من ظلم , وقال لي عندي برنامج أقدمه , هل تجري معي لقاء فنياً ؟
طبعاً رحبت بالفكرة وغنيت في ذلك البرنامج أغانيَّ السابقة ومقاطع من عدد من أغانيَّ الجديدة مما جعل المقابلة طويلة جداً - لا تكفيها حلقة واحدة مما جعل أحمد ولد بياه يقسمها إلى حلقتين , وقد تعمد أن يسألني عن حفلاتي التي سأقيمها في نواكشوط وفي الولايات الأخرى , ولكون الإذاعة وقتئذ هي الوسيلة الإعلامية الصوتية الوحيدة في موريتانيا , فقد كان لهاتين الحلقتين من هذا البرنامج تأثيراً كبيراً في إنجاح حفلاتي الفنية في نواكشوط وغيرها - لأن الكثيرين كانوا يعتقدون أني غادرت موريتانيا نهائياً - فلولا هاتين المقابلتين لما تكونت معلومات كافية عن عودتي , وبدلاً من حلقة واحدة تحمل لقاءً معي جعلها حلقتان , وبدلا من أن تكون المقابلة في عموميات دون ذكر الحفلات وأمكنتها وذكر وقتها بالتقريب , تحمل الرجل مسئولية فتح المجال على غاربه لجعل الناس جميعاً يعلمون بنشاطاتي الفنية المقبلة , وقد حدث ما خططنا له , حيث نجحت كل حفلاتي !
وأعترف أنه كان لصديقي دورٌلا بأس به في ذاك النجاح ؟
وقد تسبب له برنامجه بتوبيخ من قبل مدير الإذاعة لأنه قدَّم دعاية لا تتم في العديد من الإعلانات الدعائية المأجورة ؟
لقد كان الرجل مع الحق لأن إدارته خالفت القانون وقامت بظلم من قدم لها الكثير !
شكراً لك أيها الشهم المحب لعروبته ولوطنه الصغير ولوطنه الكبير - أطال الله بقاءك وكثَّر الله من أمثالك !
وإلى اللقاء في شخصية لها مواقف لن تنسى في موريتانيا -دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس – فريد حسن -

