إعلانات

البدو الرحل في الجزائر.. حياة بلا قلق رغم صعوبتها

اثنين, 08/09/2025 - 03:25

الجزائر

العربية.نت - أصيل منصور

يعيش البدو الرحل في الجزائر على الترحال لآلاف الكيلومترات سنوياً، بحثاً عن الكلأ لقطعانهم، مضحين بحياة الاستقرار وبتعليم أبنائهم من أجل التمسك بنمط عيش ورثوه عن أجدادهم لمئات السنين.

حياة بسيطة خالية من القلق

ورغم أن عددهم الحقيقي غير معروف في الجزائر، نظرا لغياب إحصائيات دقيقة، كونها عادة تشمل السكان المقيمين في تجمعات حضرية أو ريفية دائمة، وليس على الجماعات المتنقلة، قدّر مختصون أعدادهم بالآلاف، نظراً لشساعة الأراضي الصحراوية والهضاب العليا في الجزائر، وهي المواطن المفضلة لهذه الفئة.

وقد انتقلت "العربية.نت" إلى تندوف (1828 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الجزائر)، حيث تكثر قبال البدو الرحل الذين يربي أغلبهم الإبل، التي يستنفعون من لحومها وشحومها وأوبارها وحليبها في معيشتهم والاتجار بها، بل ويعيشون على وقع متطلباتها من كلأ وماء ومناخ.

هناك أوضحت أسرة كساب، التي تعيش بعيدة بمئات الكيلومترات عن المدينة، أنها استقرت لأسابيع أمام واحة توفر لقطيعها من الإبل الماء والكلأ.

وقال رب الأسرة سالم (46 سنة)، إن العائلة من الأب إلى الزوجة والأطفال والجد، اعتادت أبسط وسائل العيش، حيث إنهم يحتمون بخيمة كبيرة نصبوها بالاستناد إلى أعمدة خشبية، بمجرد استقرارهم في المنطقة، ووضعوا مستلزمات الطهي والنوم وأغراضهم التي تحملها الإبل، كما سَيَّجُوا المكان لحماية قطعانهم من الحيوانات المفترسة البرية.

 

كما تابع أنَّ الظروف قاسية، خاصة في غياب الماء وشح الكلأ، وفي فصل الصيف تزداد المعيشة صعوبة، وهو ما يحتم التنقل باستمرار.

أما عن مشكلة توفير التعليم للأبناء، فقال: "نحفظ أبناءنا القرآن، ونعلمهم أبجديات اللغة لكننا لا يمكن أن ندخلهم المؤسسات التعليمية الحكومية نظرا لتنقلنا المستمر، ورغم أن بعضنا ليس مالكاً حتى لقطيعه وليس سوى عامل عند ملاك القطيع، إلا أن التخلي عن هذه المهنة صعب كونها المهنة التي امتهنها آباؤنا وأجدادنا، وورثناها عنهم ونحسنها دون سواها من المهن".

وفي عائلة أيضاً من ولاية تندوف، قال رب الأسرة عبد الحميد (52 سنة): "لحسن الحظ وجدنا هذه الواحة التي ستكفينا عناء الترحال إلى الشمال حتى موسم الخريف، حيث سنستقر هنا لشهرين قبل أن ننتقل لمكان آخر".

وأضاف المتحدث: "حبنا للإبل وقطيعنا ومهنتها هو الذي جعلنا لا نتركها رغم الحياة التي تصفونها أنتم سكان المدن بالقاسية".

كذلك شدد على أنه لا يمكن لمن ولد وتربى ونشأ في البادية أن يعيش حياة المدن، صحيح أن سكان المدن يعيشون نوعاً من الرفاهية في العيش ولكن لن يجعلنا ذلك نتخلى عن حياتنا البسيطة الصحية والخالية من القلق والتوتر، ونتخلى أيضا عن الطبيعة وما توفره لنا من راحة نفسية ومعيشية.

طابع مترسخ بسكان الجزائر القدامى

من جهته، صرح الكاتب والمختص في التاريخ، أسامة صالح، أن العديد من القبائل التي امتهنت حرفة الرعي وتربية المواشي، انتشرت في نواحي الغرب والجنوب الغربي، وعرفت بخصوصية التنقل والترحال بين مختلف أرجاء هاتين الناحيتين، شاملة المناطق السهبية والهضاب العليا، مثل تيارت، آفلو، سعيدة، البيض والجلفة لتمتد نحو مشارف الصحراء حيث المناخ شبه الجاف مثل الأغواط وغرداية، النعامة، والمشرية إلى غاية بشار، مثل قبائل المخادمة، الأحرار، الأحرار الشراقة، الأحرار الغرابة، قبائل أولاد سديي منصور وأولدا خليف، إضافة إلى قبائل الجنوب الغربي، مثل قبيلة العمور وفروعها، وأولاد بكر.

 

وأضاف أن للبدو الرحل في الجزائر خصائص سواء في الشَّكل أو في القيم الحياتية، والطابع الغالب في ذلك الوقت، أواخر العهد العثماني وطيلة القرن التاسع عشر ميلادي عند ساكنة الريف الجزائري هو الطابع البدوي الذي يعتمد أهله على الخيام كمسكن لهم، أما بالنسبة للقيم، فكان الدين ركيزتهم الأساسية، إضافة إلى تميزهم بصفة الكرم، مثلما لهم طقوس وعادات مثل الهول والغناء.

أما بالنسبة لمساوئ العيش البدوي، فأشار صالح إلى التعليم، حيث إنه غائب عن حياة البدو، وهذا لخصائصهم الاجتماعية وأنماط حياتها التي تعتمد على التنقل والترحال طيلة أيام السنة، مما يتنافى وواقع التعليم وخصائصه وأسسه التي تعتمد على الاستقرار بالدرجة الأولى.