بقلم / نعمة الباجير، رجاء الرازق، أليكس بلات ، بريوني جونز
ترجمة الدكتور/ الحسين الشيخ العلوي.
"ثمانمائة"، ويقول صاحب المزاد. "900 ... 1000... 1100..." تم البيع. مقابل 1200 دينار ليبي - أي ما يعادل 800 دولار.
هذا المزاد ليس لبيع سيارة مستعملة،أو قطعة أرض، أو قطعة من الأثاث. ولا "للبضائع" على الإطلاق، بل مزاد لبيع اثنين من البشر.
أحد الرجلين اللذين لم يتم الكشف عن هويتهما يتم بيعه في الفيديو الخليوي الذي تم تصويره بهاتف نقال مخفي وحصلت عليه سي إن إن هو لنيجيري. ويبدو أنه في العشرينات من العمر ويرتدي قميص شاحب وبنطلون رياضي.
وقد عرض للبيع كأحد مجموعة "الرجال ذي البنية القوية للعمل في المزارع"، وفقا لصاحب المزاد، الذي لا يزال خارج الكاميرا. فقط يده - تستريح على كتف الرجل – هذا ما ظهر منه في المقطع الموجز.
وبعد مشاهدة لقطات مزاد العبيد هذا، عملت شبكة سي أن أن للتحقق من صحتها وسافرنا إلى ليبيا لإجراء مزيد من التحقيقات.
حملنا كاميرات مخبأة ،وذهبنا إلي منزل خارج العاصمة طرابلس،الشهر الماضي، فشهدنا عشرات الناس يساقون بالقوة ، ويباعون في غضون ست أو سبع دقائق.
يقول البائع الذي يرتدي بذلة عسكرية مموهة : "هل يحتاج أي شخص إلى حفار؟ هذا هو حفار، رجل قوي ضخم البنية، قادر علي الحفر". "هذا ما أعلنه في المناقصة، هذا ما أعلنه في المناقصة"
المشترون يرفعون أيديهم مع ارتفاع الأسعار "500، 550، 600، 650 ..." في غضون دقائق يتم كل شيء، ويقاد هؤلاء الرجال الذين أصبح مصيرهم، بيد السادة الجدد الذين سلموا إليهم.
بعد المزاد، التقينا اثنين من الرجال الذين تم بيعهم. لقد كانا في حالة صدمة نفسية بسبب ما تعرضوا له، حد أنهما لم يكونا قادرين علي الكلام، وكانا خائفين جدا، ويشكان في كل من التقوا بهم.
حملة على المهربين :
كل عام، عشرات الآلاف من الناس يتسللون عبر حدود ليبيا. إنهم لاجئون يفرون من الصراع أو مهاجرين اقتصاديين يبحثون عن فرص أفضل في أوروبا. معظمهم باعوا كل ما يملكونه لتمويل الرحلة عبر ليبيا إلى سواحلها الشمالية التي تشكل بوابة البحر الأبيض المتوسط.
بيد أن حملة أخيرة قام بها خفر السواحل الليبي مؤخرا تعني أن عددا أقل من القوارب فقط سيتمكن من الإفلات والعبور إلى البحر،مما سيراكم من عدد المهاجرين لدي المهربين. وهكذا يصبح المهربون سادة، ويصبح المهاجرون واللاجئون عبيدا عندهم.
وقد تم تسليم الأدلة التي صورتها شبكة سي أن أن إلى السلطات الليبية التي وعدت بفتح تحقيق.
الملازم أول ناصر حازم من وكالة الهجرة غير الشرعية التابعة للحكومة في طرابلس،أخبر شبكة سي أن أن،إنه على الرغم من عدم حضوره أو مشاهدته لمزاد للعبيد، إلا أنه يقر بأن العصابات المنظمة تقوم بتشغيل حلقات التهريب في البلاد.
يقول حازم : "إنهم يقومون بملإ القارب الواحد ـبـــــ100 شخص،والمهرب لا يهتم طالما يحصل على المال، والمهاجر قد يصل إلى أوروبا أو يموت في البحر".
"الوضع مروع" يقول محمد عبد القادر مدير العمليات والطوارئ في المنظمة الدولية للهجرة في بيان بعد عودته من طرابلس في ابريل. وأضاف "إن بعض التقارير مرعبة حقا ويمكن إضافة التقارير الأخيرة عن" أسواق الرقيق "للمهاجرين إلى قائمة طويلة من الاعتداءات".
وتجري المزادات في بلدة تبدو طبيعية في ليبيا مليئة بالناس الذين يعيشون حياة منتظمة. الأطفال يلعبون في الشارع. والناس يذهبون إلى العمل، ويتحدثون مع الأصدقاء ويطهون العشاء لأسرهم.
ولكن داخل مزادات الرقيق كأنما الزمن رجع بنا إلي الوراء .الشيء الوحيد المفقود لتكتمل الصورة هو أغلال حول المعصمين والكاحلين للمهاجرين.
الترحيل "العودة إلى المربع الأول" :
أنيس العزابي المشرف في مركز اعتقال في طرابلس للمهاجرين الذين من المقرر ترحيلهم. يقول إنه سمع "الكثير من القصص" عن الاعتداءات التي يمارسها المهربون. ويقول : "أنا أعاني من أجلهم،ما رأيته هنا يوميا، صدقوني، يجعلني أشعر بالألم بالنسبة لهم". "كل يوم أستطيع أن أسمع قصة جديدة من الناس، يجب أن تستمع إليهم جميعا، ومن حقهم أن يسمعوا أصواتهم".
أحد المهاجرين المحتجزين،شاب يدعى فيكتوري، يقول إنه بيع في مزاد العبيد. تعبٌ من الفساد المتفشي في ولاية إيدو في نيجيريا، فر فيكتوري البالغ من العمر 21 عاما من المنزل وقضى سنة وأربعة أشهر – أنفق خلالها مدخرات حياته - في محاولة للوصول إلى أوروبا.
لقد جعلته ليبيا، حيث يقول إنه وغيره من المهاجرين المحتملين في ظروف معيشية قاتمة، محرومين من الطعام، وسوء المعاملة من قبل خاطفيهم."إذا نظرت إلى معظم الناس هنا، إذا تحققت من أجسادهم، سترى علامات،الضرب والتشويه علي أجسادهم".
وعندما نفدت أمواله، باعه مهربوه كعامل يومي،وأخبروه أن العائد الذي سيتحقق من عمله سيؤدي إلى تخفيض ديونه. ولكن بعد أسابيع من الإجبار على العمل، أخبر فيكتوري أن المال الذي كان قد أخذ منه لم يكن كافيا. وأعيد إلى مهربه، ليتم بيعه مرة أخرى ولعدة مرات. كما طالب المهربون بدفع فدية من عائلة فيكتوري قبل الإفراج عنه في نهاية المطاف.
وقال لـــ"سي أن أن" من مركز الاعتقال الذي ينتظر أن يعاد منه إلى نيجيريا "أنفقت ما يزيد علي مليون نايرا (نايرا عملة نيجيريا او ما يعادل 2780 دولار أمريكي)"."ذهبت والدتي حتى إلى قريتين، لإقتراض المال من مختلف السعاة لإنقاذ حياتي."
ومع ازدياد خطورة الطريق عبر شمال أفريقيا، تخلى العديد من المهاجرين عن أحلامهم في الوصول إلى السواحل الأوروبية. وفي هذا العام، اختار أكثر من 8800 شخص العودة الطوعية إلى ديارهم في رحلات العودة إلى الوطن التي نظمتها المنظمة الدولية للهجرة.
الرأي : إساءة معاملة المهاجرين في ليبيا هي وصمة عار على ضمير العالم. حسب وليام لاسي سوينغ (مدير عام منظمة الهجرة الدولية)
في حين أن العديد من أصدقائه من نيجيريا تمكنوا من الوصول إلى أوروبا، ويستعد فيكتوري للعودة إلى دياره خالي الوفاض. ويقول "لا أستطيع أن أفعل ذلك، ولكن أشكر الله على نجاة أولئك الذين تمكنوا من فعلها والوصول إلي أوروبا". ويضيف "أنا لست سعيدا". ويردف "أعود ثم أبدأ من المربع الأول، إنها عملية مؤلمة جدا، مؤلمة جدا".
ساهم في إعداد تقرير سي أن أن هذا كل من لورين سعيد مورهوس وبايرون مانلي وهينريك بيترسون ومارك أوليفر ومحمد درويش وإدوارد كيرنان.
----------
ترجمة الدكتور/ الحسين الشيخ العلوي.
15 نوفمبر 2017
رابط التقرير علي شبكة سي أن أن الدولية :
http://edition.cnn.com/2017/11/14/africa/libya-migrant-auctions/index.html