
احتضن بيت الشعر نواكشوط مساء اليوم الخميس 17 يوليو 2025، ندوة علمية ضمن برنامج "مقاربات نقدية "، تناولت موضوع "الاستشراق واللغة العربية وآدابها". وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الأكاديميين البارزين: البروفيسور الفرنسي فلوريال سان أوغيستين المتخصص في تاريخ الأفكار والاستشراق، والدكتور المغربي سعيد يقطين الناقد الأدبي والمنظر في السرديات، والدكتور محمد الرباني منسق الدكتوراه في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- نواكشوط.
فيما أدار الجلسة البروفيسور عبد الله السيد مدير بيت الشعر، حيث قدم لمحة عن أهمية الموضوع وأبرز إسهامات الضيوف في حقل الدراسات النقدية والاستشراقية.
وقد تناولت الندوة محاور وأطروحات قدمها المحاضرون كل من زاوية اختصاصه، حيث بدأت المداخلات مع البروفيسور فلوريال سان أوغيستين الذي استعرض السياقات التاريخية والفكرية لنشأة وتطور الخطاب الاستشراقي في أوروبا، منذ العصور الوسطى حتى المرحلة الكولونيالية وما بعدها. كما حلّل الإشكاليات المنهجية في كتابات المستشرقين حول اللغة العربية، مشيرًا إلى كيفية توظيف "اللغة" كأداة لبناء صورة حول العالم العربي والإسلامي.
أما الدكتور سعيد يقطين فقد أطر في محاضراه لحضور الأدب العربي في مرايا الاستشراق مركزا ركز على تمثيلات الأدب العربي في الدراسات الاستشراقية، كما طرح تساؤلات نقدية حول معايير التقييم والانتقاء التي اتبعها المستشرقون، وكيف خدمت أحيانًا في بناء سردية عن "تخلف" أو "انحطاط" الثقافة العربية، أو في المقابل، في تبني نظرة رومانسية استشرافية.
وقد قسم تاريخ الاستشراق معتبرا أنه خضع لثلاث مراحل متباينة في الرؤى والخلفيات وهي : الاكتشاف والاكنشاف والاستشراق المعاصر الذي واكب الأحداث التاريخية الكبرى بداية القرن الجاري.
في حين تحدث الدكتور محمد الرباني عن علاقة الاستشراق بالترجمة وما يطرحه ذلك من استشكالات. حيث تناول دور الترجمة كأداة محورية في الخطاب الاستشراقي لنقل الأدب العربي. وقد شدد على ضرورة تطوير مشاريع ترجمة نقدية واعية من العربية، قادرة على تقديم الأدب العربي بمنظوره الذاتي وتعقيداته.
كما نبه الدكتور الرباني إلى مخاطر استمرار "الاستشراق الداخلي"، حيث يتبنى بعض الدارسين العرب بشكل غير نقدي المناهج والتصورات الاستشراقية القديمة
ووسط حضور جمهور غفير من الأكاديميين والباحثين وطلاب الدراسات العليا والإعلاميين اختتمت الندوة بفتح حوار ثري شارك فيه عدد من الأساتذة الجامعيين (من تخصصات الأدب العربي، اللسانيات، التاريخ، الفلسفة) والشعراء والكتاب. طرح الحضور أسئلة عميقة حول إمكانية تجاوز ثنائية (الاستشراق/الاستغراب)، ودور المؤسسات الأكاديمية العربية في تصحيح الصورة، وعلاقة النقد العربي المعاصر بالمناهج الغربية. قام المحاضرون بالرد على الأسئلة والتعقيب على المداخلات، مما أثرى النقاش وأكد على تعقيد الموضوع وأهميته المستمرة..