ما ذا ربحت إس..رائيل من حربها على إيران؟
تنبيه
في كتابتي التحليلية عن الواقع الدولي والإقليمي والوطني المحتدم؛ وطنت نفسي على استبعاد التعاطف مع موضوعي أو معاداته، لأن ذلك يمنعني من قراءتن كما هو أو قريبا مما هو عليه. فالتعاطف والعداء يورطان المحلل السياسي في احتدام يعطل ملكة الحكم المتوازن لديه.
لكن عندما أنهي التحليل يمكنني أن أبدي قناعتي وأدافع عنها باعتبارها رأيا لي أو قناعة أتخلى فيها عن الحياد المؤقت.
أحيانا يساعدني هذا النهج على اكتشاف مؤشرات قد تقود إلى توقع مسار صحيح أو قريب من ذلك لمستقبل الأحداث وتفاعلها.
وأنبه المحللين بهذا إلى منهج قد يقودهم إلى ما يريدون من إنارة للرأي العام الذي هو هدف الكتابة أصلا.
تطبيقا لذلك فإنني إذ عددت أرباح وخسارة إيران وأرباحها في عنوانين، وعددت خسارة إس..رائيل في عنوان ثالث؛ فسأحاول تعداد أرباحها هنا؛ لأنهي هذه السلسلة حول حرب 12 يوما، بمقال مستقل عن التجاذبات والمضاعفات الجيواستراتيجية الدولية الكبرى في مقال مستقل.
أرباح إس..رائيل من حرب 12 يوما
- ربح سمعة المهارة الاستخبارية
استطاعت اس..رائيل أن تكسب سمعة جلية من مهارتها الاستخبارية التي بنتها على: دقة التخطيط، ونجاعة الأداء، وضمان شروط النجاح المادي والعملي، ومراعاة بالغ السرية، والمبادأة والسبق في التنفيذ،
وهذه الآلية كادت أن تحصّل منها مكاسب استراتيجية، لكنها لم تحصل بسبب مبالغتها في توقع آثار مدمرة على إيران، بإسقاط النظام، ووضع نظام ملكي مكانه، حسب شهادة ابن الشاه، ثم القضاء على القوة الإيرانية، وهدم برنامجها النووي كلية.. وهو ما لم يتحقق. ولذا حولت النتائج الناقصة هذه المهارة الاستخبارية إلى مكاسب تكتيكية.
- كسب اترامب، وتجنيده لصالح المخطط الحربي الإسرائيلي دعما وتغطية ومشاركة، وتورطا. وقد كاد هذا المكسب أن يتحول إلى ربح استراتيجي لولا فشل الضربات الأميريكية بسب قصور قنابلها الخارقة عن مدياتها الضامنة للتأثير، وبإجراآت وقائية أخرى قامت بها إيران.
ولعلكم تتذكرون أنني عرجت في مقال سبق الضربة الأمريكية، على أن مسألة مديات القنابل من أسباب تردد اترامب في الضربة، ويبدو أن استخباراته وعسكرييه كذبوا عليه، أو ذهبت به العاطفة الاستعراضية مذاهبها إلى هذا الإقدام غير المحسوب على الضربة، والتنويه بنجاحها المشكوك فيه لاحقا.
- المكسب الكبير الثالث
توريط الاستخبارات الأميركية من الموساد في المعركة السريةضد إيران إلى درجة تضررها بشريا وعمليا، حيث انكشف بعض عناصرها المخفية، مراهنة منها على ضمان تحقق الأهداف الكبرى للحملة على إيران.
هذا الخلل حوّل نجاح إسرائيل في تسخير المخابرات الأميركية إلى مكسب تكتيكي إذ أفقدتها ميزة التخفي فلم تعد نافعة لها كما كانت.
- ربحت إسرائيل تدمير عدد كبير من وسائل الدفاع الجوي الإيرانية وسادت أجواءها، و حطمت بغض المصانع والمؤسسات والأعيان الأخرو، لكن فشلها في تدمير سلاح الجو الإيراني من طيران وصواريخ متطورة، واستباحة الأجواء من طرف الإيرانيين بالصواريخ.. نغصت هذا الربح و حولته إلى مكسب تكتيكي كسابقيه.
- ربحت إسرائيل فك شفرة اترامب، وبرمجته على أهدافها في إيران، واستخدامه خاتما سليمانيا في إصبعها؛ ولكن مزاجية اترامب وتقلباته مثل يوم الصيف، وإمكانية تراجعه الفجائي بضغط مؤيديه من الماكا (أميركا أولا)، وأحلام يقظته بالعظمة؛ قد جذبت حكومة النتن.. ياهو إلى عين الإعصار الترامبي من الدرجة الخامسة.. فلا يعرف أحد أبدا بم سيصبح الصباح على اترامب ، ولا مقياس الحموضة لديه.
هذه الحالة جعلت كسب اترامب سلاحا ذو حدين.
ولذا ذكرت في تدوينة سابقة أنه قد تحدث ليونة في موقف النتن.. ياهو تجاه حل ما في غ.زة لهذا السبب. وهذا ما يرسخ تكتيكية هذا الهدف.
- ربح النتن ياهو أربعة مقاعد بالكنيست في استطلاعات الرأي، وخسارة معارضته لخطابها التعبوي ضده بتأييدها لحملته على إيران خوف التخوين، ودفاع اترامب عنه بما يجنبه المحاكمة. لكن مؤقتية هذا المكسب، ومنغصات انهيار الجيش الإس..رائيلي في غزة بعد نهاية الحرب الإيرانية مباشرة، وهياط ومياط أهالي الأسرى الصها..ينة، وفضائح وإحراج قتل جائعي القطاع عالميا في كمائن الأغذية المضرجة بالدماء البريئة، وانتهازية معارضة الأحزاب الإس..، ومطالب الحاريديم الباهظة.. حولت هذا المكسب إلى سراب (يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا).
وعليه فإن كل المكاسب التي حققها النتن.. ياهو لإسرا..ئيل من حربها على إيران هي مكاسب تكتيكية حينية زال تأثير أغلبها وأفلس خطابها التمجيدي، وبدأت تتحول إلى حسرات بهزيمة كل أهدافها.. هذا مقابل خسائرها الاستراتيجية الفادحة الباقية في عقبها إلى حين
وألفت الانتباه أخيرا إلى أمرين بالغي الأهمية:
أولهما: أن أن أهم دليل على عدم تأذي المفاعلات الإيرانية هو عدم ضربها لمفاعل ديمونه، رغم إمكانيته.ضربه.
ثانيها: أن إعلان ترامب عن اتفاق قريب لوقف إطلاق النار قد يفهم على أنه ليرنة في موقف إسر..ائيل؛ لكن، لكن، بالتوازي مع ضربة غادرة في مكان ما من الشرق الأوسط، جنوبا أو شمالا أو.. ثأرا من إيران، وإعادة توجيه للضربة الجوية المعلقة التي لاتزال طائراتها حبلى بالقنابل الثقيلة.
ملاحظة:
سأنهي هذه السلسلة من المقالات التحليلية بمقال مستقل حول المضاعفات والانعكاسات الجيو-استراتيجية المترتبة على نتائج هذه الحرب في المنطقة والعالم، تاليا.
د. محمدُّ أحظانا