إعلانات

"خفة اليد"  و "ثقل الظل" كيف تمكن المواءمة بينهما  ؟ 

جمعة, 27/06/2025 - 16:40

ألا ترانا نقول: خفة اليد في النشل ، وثقل الظل في السماجة؟
  ما رأيت أثقل ظلا في المجالس من صاحب اليد الخفيفة في الحرام؟ فامتداد يد المرء خفيفة إلى جيب الغير أو خزائنه تجعله ثقيل الظل في مُقامه بين الناس ، فلا خفة اليد تخفي قبح الفعل،  ولا ثقل الظل يغطي خِسّة الطباع. حينها يعجز الضمير عن الحراسة كأنما يخيل إليه أن أعين الحق نائمة، وأن خزائن الغيب  غافلة، فيتحول المال العام الى غنيمة سائبة ،  وهناك تتحور متلازمة التعدي،  وخسة النوايا، وضعف الوازع، وهشاشة الأخلاق، واختلال الحاضنة البيئية فيينع الجشع المنتَج في اسوإ صوره وهو الإختلال المشين  المقيت، أو "" گلتْ النَّفْشَ"" كما يحلو لعلية القوم ومن تبعهم ، 
لكنه بهذا  المعنى ليس فعلا طارئا كما يتوهم البعض، ولاخطيئة فردية محضة، بل هو نتيجة لعوامل الجشع، والافتقار الى الضمير، مصحوبا في الغالب  بضعف الرقابة المؤسسية، وشيوع ثقافة الإفلات من العقاب، وهو فوق ذلك كله سلوك ينمو في تربة خاصة، ويتغذى على سماد نفسي واجتماعي. وحين يتكرر الاختلاس- ويصبح ظاهرة- فهو علامة على اعتلال عميق  في جسد المجتمع : ضعف القيم الضامنة، تلاشِي هيبة القانون، ووهن التربية المدنية. 
  المختلس أو "أفُگْراشْ" ليس دوما جشعا فحسب، بل هو غالبا متمرس في فن التبرير : " الجميع يفعلها"، ""لو لم آخذها لذهبت الى غيري"؛" استحقها أكثر ممن فوقي"، وهكذا تصبح الخيانة فعلا مموّها يُلبَس أثواب العقل والمنطق. 
ومما يغيب  _ وأكرر _ عن عقول امثال هؤلاء أن خفة اليد لا تشفع لثقل الروح، ولا يُعفى عنك في محكمة الأبد بما أجدت من خفة الصنعة، فاليد التي امتدت بخفة في الظلام تُثقِل صاحبها  يوم تتبدد الأستار ((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةََ وَلاَ كَبِيرَةَ‌َ إلاَّ أَحْصَاهَا)) الكهف 49. صدق الله العظيم. وهو يوم يوزن الناس لا بما حملوا في أيديهم، بل بما اثقلوا به أرواحهم،  فيا لغرابة هذا الشان : خفة يد في حطام الدنيا، وثقل ظل في مجالس الاحياء!!! 
  وفي النهاية ليس المال العام مالا سائغا في متناول الأيدي ، بل هو أمانة في أعناق الأحرار !!!

إسماعيل ولد محمد يحظيه