محمد الشيخ ولد سيدي محمد (*)
بعث النبي صلى الله عليه وسلم بدين الحنيفية السمحة وأيده الله بأنصار ومهاجرين بايعوهُ بيعة العقبة على السمع والطاعة في المنشط والمكره وفي اليسر والعسر وعلى أثرة عليهم وعلى أن لا ينازعوا الأمر أهله.
وآخى النبي صلى الله عليه وسلم عند هجرته بين أبناء قيلة ومهاجري قريش أخوة لا رشوة عليها ومحبة لا إكراه فيها.
ومنذ حراك النصرة في موريتانيا يوم أساء المسيء بدا الفرق جليا بين حراك العلماء وشباب النصرة وبين دعاة الفتنة ورؤوس الدهيماء.
وكان فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز أول من استقبل المصلين وخاطب جمهور المتظاهرين منتصرا لعرض النبي الكريم ومعلنا أن موريتانيا جمهورية إسلامية وليست دولة علمانية، ومتعهدا بأن القضاء سيأخذ مجراه، وشرعت لكل أطياف النصرة الحقيقية وقفاتها ومسيراتها.
وعبر مسار هذا الحراك لم تشهد شوارع العاصمة أو المدن الداخلية أي محاولة لزعزعة الاستقرار أو للاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم ونأى علماء وصلحاء الأمة وشباب النصرة بتلك الوقفات عن طيف سياسي معارض تجاهل الإساءة وابتعد بأجندته رضى للغرب أو تماهيا مع الشرق أو محاباة للمستهزئين.
ورغم الهِناتِ وبعض تشويش أصحاب الأغراض الخاصة والمصالح الفردية ظل حراك النصرة والمحبة في ميسمه العام يدار بحكمة وتعفف عن سقط الكلام وفحش الخصام.
ومنذ صدور الحكم الأخير علت أصوات العلماء والصلحاء وأهل الغيرة داعية إلى احترام المذهب المالكي (المذهب الرسمي للدولة والمجتمع) ورأي جمهور علماء المذاهب الأربعة.
وجاء توجيه فخامة الرئيس للادعاء العام بالطعن في قرار المحكمة منسجما مع نهجه وحكمته.
فهذا الرئيس الذي يبتدئ كل خطبه بالبسملة والصلاة والتسليم على النبي هو من انتصر للقرآن وأهله، فطبع المصحف الشنقيطي، وهو رابع مصحف بقراءة ورش في العالم الإسلامي وأصح هذه المصاحف بعد مصاحف: الجزائر، والمغرب، والشيشان.
وهو من أنشأ إذاعة القرآن الكريم بمحطاتها التي عمت مقاطعات البلد، وهو من أصدر توجيهاته وألزم بإنشاء قناة "المحظرة"، التي كانت فتحا مبينا في تجارب الإعلام المرئي الإسلامي.
وتدركون أن حرية الدعوة كفلت لأول مرة بعد عقود من التضييق والتهميش والحظر.
ولقي الحافظ المرتلُ والعالم المتبحرُ والداعية المخلص مكانتهم في مجالس دستورية وفي التعليم والقضاء وفي الحج والعمرة وفي التوجيه والإرشاد وامتدَّ ذلك ليشمل بألقه وبعثاته العالم العربي والقارة الإفريقية والغرب في مواسم إحياء رمضان ونشر الدعوة الإسلامية.. دعوة المحبة والنصرة.
إن رسائل يجب أن يقرأها علماء الأمة اليوم وشباب نصرتها، أولها:
أن يحافظوا على نهج السلمية بدء من الحصول على ترخيص أي نشاط، ومرورا بأهلية المتحدثين فيه لكي لا تطل رؤوس فتنة الدهيماء من باب نصرة الخليل ومحبة الحبيب.
وثانيها:
أن الشكر والامتنان يجب أن يكونا ديدن اصطفافنا خلف فخامة الرئيس الذي نكس العلم الصهيوني وسجن المسيء ونصر هذا الدين محاظر ومعاهد وجامعات إسلامية ودعاة محبة ونصرة حقيقيتان لا رياء يشوب القصد ولا سمعة تعلو المتحيز.
وثالث تلك الرسائل:
أن المحافظة على وقار الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يمثل أكبر سلاح لدحر لفق المستهزئين وزمرة الملحدين وسكارى وهم كمال العقول وزيغ القلوب.
وتدركون أن القضاء المستقل والحرية المتاحة يجب أن نحفظهما من تغول الإدارة ومن غوغاء الشارع.
وأن كل سياسي أو مراب استخدم مكره السياسي أو ماله الحرام في إشاعة الفتنِ وتهديد السلم الأهلي والتعرض للدماء والأموال والأعراض المعصومة يجب أن يأخذ جزاءه، فهذا البلد بحر في الأمن لا يضام فيه المصطفى ولا يسام فيه المقتفى ولا يلعب به هوى المفسدين وزمرة الحاقدين.
أيها الأحمد العزيز كتبت سفرا في الخالدين، عرفت فالزم وأنخت القصواء في بئر زمزم، وأخذت الراية غلابا ثم انتخابا، وشعبك الوفي المؤمن لا يقبل أن تفسد خصالهَ خوارج العصر وذئاب المصر... وفَّى من وفَّى ونكصَ من نكصَ.
عز من عز وأنشد من أنشد من أمراء بلد المليون شاعر:
يا حبيبي يا خاتمَ الأنبياءِ
يا رسولَ المحجةِ البيضاءِ
الرسولُ الكبيرُ لم يخطُ إلا
وخُطاهُ سَنابلُ الأضواءِ
فهو حظُّ الأرضِ العظيمةِ إلا
أنهُ فوقَ طينها الخطاءِ
كيفَ أثني عليكَ يا سيدي أنتَ
كبيرٌ على فنونِ الثناءِ
أنت حبيٍّ.. ومنْ يعلل حبّا
منهُ كانت ولادةُ العلياءِ؟
حبنا أنتَ حبنا.. وهدانا
وخلاصُ الزمان من كلِّ داءِ..
وإذا ما سمّوا لهدْي نبيا
كانَ دوما محمدَ الأسماءِ.
(*) أستاذ وكاتب صحفي