إعلانات

ازدواجية المعايير: سوسة السياسة الغربية

سبت, 21/06/2025 - 03:03

د. محمدُّ أحظانا

 

 

لعلكم تسمعون منذ بعض الوقت مصطلح "ازدواجية المعايير." ولكعلكم تتساءلون:

من أين جاء هذا المصطلح سياقا وتاريخا؟

وماذا يعني؟

وماهي تجلياته؟

وما هي مضاعفاته؟

أولا: من أين جاء المصطلح؟

جاء المصطلح ردا على مصطلح غربي وقائي يحمي التصرفات الغربية التآمرية من الأحكام السلبية بحجة وسلطة "نظرية المؤامرة". وهي إنتاج غربي يفند به المفكرون الغربيون وتلامذتهم كل حكم ليس في صالحهم. فرغم أنهم يتآمرون فعلا على العالم الثالث، إلا أنهم يطعنون في أي تأويل أو اكتشاف لمؤامراتهم الاقتصادية والسياسية والأمنية والحربية والتربوية والثقافية. بحجة أنها نظرية مؤامرة.

وفحوى هذا المبدأ أن من حق الغرب أن يشبع تآمرا على دول الجنوب، لكن ليس من حق الجنوبيين أن يفهموا أو يكتشفوا المؤمرات عليهم حتى لا يطوروا آليات مق..اومة صدها.

لذلك صار المفهوم مبدأ لحماية مؤامرات المتآمرين في الغرب.

أما مفهوم "المعايير المزدوجة" فهو مفهوم أعلن عنه صدام حسين أثناء مواجهته المطولة مع الغرب، استنتاجا من واقع حماية الاحتلال الإسرائي..لي لفلسطين والوقوف ضد احتلاله هو للكويت.

هذا من الناحية التاريخية والسياقية لميلاد المفهوم.

ثانيا: ماذا يعني مبدأ "ازدواجية المعايير"؟

تعني ازدواجية المعايير أن تعطي لنفس المصطلح والفعل قيمتين: قيمة سلبية إن كان ضدك، وقيمة إيجابية إن كان لصالحك.

مثلا: إن كنت أنت تقتل الأطفال وتقصف المستشفيات وتدمرها ظلما وعدوانا فذلك من حقك لأنه "دفاع عن النفس".

أما إذا وقع عليك نفس الفعل فهو "جريمة ضد الإنسانية".

فأنت هنا تحكم لصالحك في الحالتين بمبدأين وموقفين تجاه نفس الفعل المجرم.

ثالثا: ماهي تجليات ازدواجية المعايير؟

خير مثال على استخدام ازدواجية المعايير ما صرح به وزير خارجية ودفاع وصحة الكيان اليوم حول تهديم مستشفى س..وروكا بفعل صاروخ إيراني حيث وصف الحدث بأنه جريمة حرب..!!!

مع أنه هو وسابقه أتوا ما لا حصر له من تدمير المستشفيات وقتل الأطفال والبراء، وتجويع الملايين.

وهو كذلك مثل مواقف الدول الغربية تجاه مبادئ كرستها نتائج الحرب العالمية مثل حقوق الإنسان، وحق الشعوب في الاستقلال والسيادة، والتمتع بالرفاهية.. وحقوق الطفل، والمرأة..

هذه الحقوق طبقوا عليها "ازدواجية المعايير".

عندما يتعلق الأمر بغير صالح إسرا.. ئيل، تكون جريمة حرب، وعند تقع على الفلسطينيين من الإس..رائيليين تكون دفاعا مشروعا عن النفس. والأمر صادق على أي شعب من عالم الجنوب.

ما هي مضاعفات ازواجية المعايير؟

ازدواجية المعايير سلاح فعال للتنصل من القيم والتوافقات القانونية الدولية، وإسناد المسؤولية للمجرمين، والتملص من العقاب. كما أنها أيديولوجيا تسيب كوني يمهد للوحشية، وتحوير القيمة الجماعية التعاقدية إلى قيمة ذاتية أنانية؛ تجعل الإنسان أو الجهة قادرة على تكريس القيمة لصالحها هي وحدها.

وبالتالي فهي نزعة لا أخلاقية، وضد التعايش والعقد الاجتماعي (الذي قام عليه الغرب) وجرى عليه التفاهم البشري.

ولذا نرى مطبقيها ومتبنيها يتسلطون على أي رمز للتشارك البشري مثل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.. وأي مظهر من مظاهر التشارك الكوني.

هذا المبدأ الشنيع المكرس للحروب هو مشروع أقوياء العالم اليوم. وهو دينهم وشرعتهم وملتهم.

لكن مما علمنا التاريخ أنه كلما حدثت موجة شر واستشرت أفلت وانتهت فجاءة كما طغت وعمت فجاءة.

وإلى وقتنا نزعم أن ازدواجية المعايير هي سوسة السياسة الغربية الآذنة بالإفلاس المحتوم. لاشك في ذلك ولا ريب.