خاص - صحراء ميديا
أثار الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف اليوم الخميس في مدينة نواذيبو، شمالي موريتانيا، في حق المسيء بالسجن عامين وغرامة 60 ألف أوقية، غضباً واسعاً في الشارع الموريتاني، وقد انعكس هذا الغضب على صفحات الموريتانيين في مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيس بوك.
وقد عبر العديد من الموريتانيين عن رفضهم لهذا القرار الذي يعني في مضمونه إطلاق سراح المسيء، وطي واحد من أكثر الملفات إثارة في تاريخ القضاء الموريتاني.
محمد الأمين ولد سيدي مولود، تساءل في عدة تدوينات حول الموضوع: "أين وعود عزيز بتطبيق الشريعة"، في إشارة إلى استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لمظاهرات النصرة قبل سنوات وتعهده بتطبيق حكم الله في كاتب المقال المسيء، وقال حينها إن "موريتانيا دولة إسلامية وليست علمانية، والديمقراطية لا تعني المس من المقدسات".
وأضاف ولد سيدي مولود الذي تحظى صفحته بمتابعة واسعة: "هذا النظام لا يستحق البقاء بعد التساهل مع المسيء، أمَا كفاه نهب الثروات والفساد؟!".
مقارنة أحكام
ولد سيدي مولود في تدويناته عقد مقارنة بين ما صدر عن محكمة الاستئناف بنواذيبو وأحكام سابقة في قضايا عديدة، من أبرزها الحكم بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 450 ألف أوقية في حق الناشط المعارض الشيخ باي ولد الشيخ محمد عندما رمى وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة بحذائه.
وقال ولد سيدي مولود: "عقوبة الإساءة إلى الجناب النبوي أخف من عقوبة رمي حذاء في وجه مسؤول في نظام عزيز"، قبل أن يصف ما جرى بأنه "احتقار وجرم".
الكاتب والناقد الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله أثار انتباهه شيء آخر في المحاكمة، وهو تزامنها مع مثول عضو مجلس الشيوخ (السابق) محمد ولد غده أمام المحكمة، وكتب ولد سيدي عبد الله: "مشهد يثير الانتباه ويطرح عشرات الأسئلة الناطقة والصامتة؛ الشيخ البرلماني محمد ولد غدة يدخل المحكمة مقيدا، إن لم يكن مصفداً، بينما يدخل ولد امخيطير حُرَّ اليدين والقدمين، وفِي أحسن هيئة".
وأضاف ولد سيدي عبد الله في تدوينته: "كأن ما قام به المعارِض ولد غدة ضد النظام، وتهديده بكشف ملفات خاصة به وبمحيطه، أكثر إجرامية من الإساءة المكتوبة للنبي صلى الله عليه وسلم"، وتساءل في ختام تدوينته: "ألا يثير هذا المشهد فيكم شيئا؟".
ولكن ولد سيدي عبد الله الذي تعد صفحته من أكثر الصفحات متابعة في موريتانيا، عبر عن توقعه للحكم، وقال: "وأخيرا... الحكم على المسيء ولد امخيطير بدرء الحد، قبول التوبة، والحكم سنتين تعزيرا، ما يعني (إطلاق السراح) باعتبار أن السنتين سبق وأن قضاهما في السجن... لا مفاجأة".
تغيير المواقف
الإعلان عن الحكم على المسيء، جعل عدداً من المدونين المساندين للنظام إلى مراجعة مواقفهم السياسية، إذ كتب المدون عمار ولد ابوه على صفحته: "هذا اسمي وهذه صورتي، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذا كان التشكيك في عدالته صلى الله عليه وسلم ليس معصية للخالف فما هي؟".
وأضاف ولد ابوه: " أتوب إلى الله من أي دعم قمت به لهذا النظام، شروط التوبة هي الإقلاع والندم والنية ألا أعود؛ اللهم إني أتوب إليك"، وفق تعبيره.
أما المدونة خديجة بنت ذا النورين فقد كتبت: "لن أتحدث عن قضاة ولا قاض ولا متعاطفين مع المسيء، أعاذني الله من حالهم جميعا، سأتحدث فقط عنك يا محمد ولد عبد العزيز لقد ساءت خاتمتك وحملت وزرا فوق وزرك ولن يمهلك الله بهذا أبداً".
وأضافت المدونة التي اشتهرت مؤخراً بمواقفها الداعمة للنظام والحكومة: "بسم الله على معارضة نظام لا ينصف الجناب النبوي الشريف".
طعن النيابة!
في غضون الغضب الشعبي الواسع في أوساط الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع الفيس بوك، حاول عدد من أنصار النظام أن يجد مخرجاً للحكومة والرئيس، وكتبت الإعلامية منتان بنت لمرابط: "بأمر من فخامة رئيس الجمهورية النائب العام لنواذيبو يطلق دعوى استئناف بنقض الحكم الصادر في حق المسيء".
وحتى الآن لم يعلن بشكل رسمي من طرف الحكومة أو الجهات القضائية أي إجراء بهذا الخصوص، في ظل توقعات بالدخول مباشرة في إجراءات الإفراج عن المسيء، رغم الدعوات التي انطلقت عبر الفيس بوك للخروج في مظاهرات حاشدة يوم غد الجمعة، تحت شعار "جمعة الغضب".