أبو العباس أبرهام
يقوم النقد القطري للسعوديّة على دعامتيْن غير منفصِلتيْن، وبالتالي (أهما؟) متناقضتيْن: إسلاموي وليبرالي. ففي النقد الليبرالي يتهَم النظام السعودي من قبل "الجزيرة" بالتطرّف الدِّيني ودعم الإرهاب، بما فيه الحادي عشر من سبتمبر. وفي النقد الإسلاموي يُتهَم النظام السعودي بالعلمنة والتملّص من الدِّين. وبطبيعة الحال فإن هذا النقد مبنيٌ على السياسة: فلو لبرَل النِّظام السعودي لشُرِّرَ دِينياً؛ ولو ديّن لشُرِّرَ ليبرالياً. وقد سمحَ هذا النقد للنظام القطري بالقيام بجملة مُراجعات: التخلِّي مؤقّتاً عن الحرب الطائفية في اليمن وسوريا ولبنان. ويبدو أنّ النظام القطري، أصبح يُفكِّر في إعادة تطويب حسن نصر الله والحوثيين وتشرير الحرب السعودية في اليمن. وكان النظام القطري قد تصدّر المُعسكَر السنِّي وجيّش فيه الإخوان المسلمين و"العلمانيين" وأعادَهم للاحترابات الطائفيّة، المفترضِ أنّهم تجاوزوها.
وعلى الجبهة السعوديّة لا يبدو الوضع مختلِفاً من ناحية ترابط الإسلاموية بالليبرالية. فمشروع تفكيك الوهّابيّة سرعان ما ارتبط بمشروع تفكيك الليبراليّة. ومرّة أخرى هذا مبني على السياسة. فالغرض هو بناء سلطة مُسيطِرة. فلو استفحل الأصولي لتمّ قضمُه؛ ولو استفحَش الليبرالي لتمّ جزّه. إلاّ أن تفكيك الوهّابية هو تفكيك مؤسّسات الرِّقابة؛ أما تفكيك الليبرالية فهو تفكيك مؤَسّسات صناعة الثقافة. وبطبيعة الحال فإن سيطرة النِّظام السعودي على هاتين المؤسّستيْن ستتيح نظاماً شمولياً أكثر مما هو عليه.
أما من يلينا من الإخوان فإنّ لهم تحليلاً واحِداً: وهو أنّ النظام السعودي، مثله مثل السوري والمصري، آئل للزوال. والواقع أن هؤلاء قد درجوا على التنبؤ دوماً بأنّ الأنظِمة، وخصوصاً عندما يختلِفون معها، آئلة إلى الزوال. ولا شكّ أنّ هذه الأنظِمة غير قارّة أو مُستفِردة تماماً في الدِّاخل. إلاّ أنّ هذا ليس كافياً من منظور العلوم السياسية للقول بنهايتها. وهذه التبؤات في الحقيقة هي مهداوية وأيديولوجيا تازبة (الانتقام الإلهي) وقد عُلمِنت إلى لغة تحليل سياسي.