
الأخبار (نواكشوط) – حصلت وكالة الأخبار المستقلة على تفاصيل إطاحة الدرك الموريتاني بأكبر شبكة لتهريب المهاجرين غير النظامين في تاريخ البلاد، وتتكون الشبكة من ست مجموعات، وأكثر من 117 شخصيا بينهم خمسة موريتانيين، والبقية من جنسيات مختلفة.
وتمكنت كتيبة الدرك بولاية نواكشوط بعد عملية متابعة وتحر استمرت أكثر من شهر، داهم خلالها أكثر من 50 مركز إيواء مخصص للمهاجرين غير النظاميين في مناطق مختلفة من العاصمة نواكشوط، كما تمكنت من كشف خيوط عمليات التهريب، وهو ما قادها لتوقيف العشرات من جنسيات مختلفة.
ووفق مصادر وكالة الأخبار المستقلة، فإن الخيط الذي قاد الدرك الموريتاني إلى الإطاحة بشبكة تهريب المهاجرين، كان سيارة الإسعاف التي تم إيقافها بداية مارس المنصرم، وهي تحمل على متنها مهاجرين نظاميين كانوا في طريقهم إلى مدينة نواذيبو شمال غرب البلاد، أملا في الوصول إلى شواطئ جزر الكناري.
وفور حصول الدرك على هذا الخيط باشر محققوه العمل، ليتمكنوا من تفكيك ستة المجموعات الستة التي تتكون منها الشبكة، والتي لكل منها قائد خاص بها، فيما تتبع كل المجموعات لقائد موريتاني، يتعامل مع كل مجموعة باسم خاص بها، وقد تمكنت الشبكة خلال الأشهر الماضية من تهريب مئات المهاجرين غير النظاميين، وجنت من وراء ذلك مبالغ مالية طائلة.
"رأس موريتاني"
ووفق معطيات الأخبار، فإن الشبكات الست كانت مرتبطة برأس موريتاني واحد، لديه عمل مرتبط بسوق السمك في العاصمة نواكشوط، فيما يتولى أعضاؤها من جنسيات أخرى وخصوصا غينيا والسنغال تنسيق الشبكات الفرعية.
ويشتهر الموريتاني الذي تولى تنسيق الشبكة بعدة أسماء، حيث كان يقدم لكل مجموعة ضمن الشبكة اسما مختلفا حتى لا يؤدي سقوط إحدى المجموعات إلى انكشافه، ومن بين الأسماء التي كان يستخدمها – وفق معلومات الأخبار – "بَّبَّ"، و"الكينغ"، و"بوص"، و"ابير".
ووفق مصادر الأخبار، فإن أبرز مساعدي القائد الموريتاني، كان مواطنا غينيا يعرف داخل الشبكة بـ"آليا"، ومواطنة سنغالية لديها محل بيع حلويات في نواكشوط، وعامل في شركة النظافة بنواكشوط.
وتمكن الدرك في ولاية نواكشوط الغربية من توقيف المواطن الغيني، والذي يوصف بالذراع الأيمن لقائد الشبكة، وقد وصل إلى موريتانيا في العام 2020، وأقام في مناطق مختلفة، ويقدر عدد من وقف خلف تهريبهم بأكثر من 1200 شخص، ولديه وحده أكثر من 20 مركز إيواء للمهاجرين غير النظاميين في مناطق مختلفة من نواكشوط.
كما أوقف الدرك المواطنة السنغالية، والتي لديها هي الأخرى – وفق ما حصلت عليه الأخبار – عدة مراكز إيواء، وكانت هي من تتولى إرسال عدد من المهاجرين إلى مدينة نواذيبو، ومن بين من أرسلتهم من تم توقيفهم على متن سيارة الإسعاف يوم السابع مارس المنصرم.
مراكز ومعدات
التحقيقات، قادت وحدات الدرك المتخصصة إلى اقتحام أكثر من 50 مركز إيواء، في ولايات نواكشوط كان أغلبها في مقاطعات تفرغ زينة، والسبخة، وتوجنين، والميناء.
كما صادر الدرك خلال العملية 12 قاربا، كانت معدة للقيام بعمليات تهريب مهاجرين غير نظاميين من الشواطئ الموريتانية باتجاه الأراضي الأسبانية، وكشف لجوء الشبكة لتأجير قوارب صيد، وإخفائها في مناطق نائية لاستخدامها في عمليات التهريب.
الدرك صادر كذلك أطنانا من الوقود المهرب، ومثلها من المواد الغذائية، إضافة لمئات من سترات النجاة التي تستخدم في حالة غرق الزوارق أو مواجهتها لخطر ما.
مسار وأموال طائلة
ووفق مصادر وكالة الأخبار المستقلة، فإن الشبكة كانت تنقل المهاجرين غير النظاميين عبر سيارات عابرة للصحاري لضمان تفاديهم للحواجز الموجودة على الطرق الرئيسية، لافتة إلى أن المعبر الرئيس بالنسبة لمن أدخلتهم هذه الشبكة المفككة كانت شواطئ نهر السنغال، وتجديدا في ولاية في كيدي ماغا، وبالأخص ضواحي مدينة سيلبابي.
كما حصلت الأخبار على معطيات تؤكد أن كل مهاجر غير نظامي كان يدفع للشبكة عبر رئيسها متعدد الأسماء مبلغ 500 ألف أوقية قديمة، ويمنحه الرئيس مقابلها تذكرة تسمح له بصعود القارب، ويحدد له تاريخ ومكان المغادرة.
فيما كانت العصابة تحدد أسعارا أخرى للنساء، وتطلق على المرأة الراغبة في الهجرة اسم "النعجة"، حيث تدفع المرأة الحامل مبلغ 500 ألف أوقية عنها، و250 ألف أوقية قديمة عن حملها إن كانت دون أربعة أشهر، أما إذا كان الحمل قد بلغ ثمانية أشهر أو أكثر فإن أمه تدفع مبلغ 800 ألف أوقية بسبب حصوله على الجنسية الأسبانية في حال نجحت أمه في الوصول سالمة إلى بر الأمان.
أما بالنسبة للطفل المرافق لأمه، فتدفع عنه أمه مبلغ 300 ألف أوقية قديمة، إضافة للمبلغ الذي تدفعه عن نفسها، وهو 500 ألف أوقية قديمة.
وبدأت موريتانيا منذ عدة أسابيع في توقيف المئات من المهاجرين غير النظاميين، وباشرت عمليات ترحيلهم إلى بلدانهم، أو إلى البلدان التي وصلوا عبرها، فيما أثار الأمر ردود أفعال مختلفة لدى الدول التي تضرر مواطنوها، وخصوصا السنغال ومالي وغامبيا وغينيا، والتي أوفدت كل واحدة منها وزير خارجيتها إلى نواكشوط، كما استقبل قادتها وزير الخارجية الموريتاني.