
الجزائر- “القدس العربي”:
حذّر حزب جزائري، من محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استغلال الملف الصحراوي كوسيلة ابتزاز وتشجيع لمواجهة عسكرية بين الجزائر والمغرب، معتبرا أن هذه المناورات جزء من المخططات الإمبريالية الرامية إلى إشعال الحروب بين الشعوب الشقيقة.
وأعرب حزب العمال في بيان له، عن ثقته الكبيرة في وعي الشعب المغربي، الذي وصفه بـ”المجند بصفة حاشدة وبطولية ضد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الإرهابي”، والذي فُرض على بلده من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته السابقة، ضمن إطار ما يعرف بـ”اتفاقيات أبراهام”.
أعرب حزب العمال عن ثقته الكبيرة في وعي الشعب المغربي، ووصفه بـ”المجند بصفة حاشدة وبطولية ضد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الإرهابي”
وأكد الحزب ذو التوجه اليساري الذي تقوده لويزة حنون، أن الشعب المغربي لن ينخدع بتصريحات الرئيس الأمريكي الحالية، التي وصفها بـ”المفضوحة”، ولا بمحاولاته استغلال قضية الصحراء الغربية لخدمة أهدافه السياسية والدبلوماسية.
ولفت إلى أن هذه المناورات تدخل في إطار خطة أوسع للإمبريالية العالمية تهدف إلى إشعال فتيل الحروب بين الشعوب الشقيقة، خدمةً لمصالح القوى الكبرى وتجار السلاح، وفي سياق تسارع المسار العالمي نحو الحروب الشاملة، وهو ما يستدعي، وفقه، مضاعفة الجهود لتكريس العمل التضامني والوحدوي بين جميع الشعوب، وبالأخص الشعوب الإفريقية، من أجل إفشال تلك المخططات التدميرية.
وليست المرة الأولى التي تحذر فيها زعيمة حزب العمال لويزة حنون، من الدفع لمواجهة بين الجزائر والمغرب، حيث سبق لها أن أشارت بداية العام الماضي إلى وجود “تحركات إماراتية لمعاقبة الجزائر على موقفها الرافض للتطبيع، وذلك باختلاق بؤر توتر على حدودها في منطقة الساحل والسعي لإيقاع حرب بينها وبين المغرب”. وحذرت المرشحة السابقة للرئاسة حينها، من أن الإمارات تحرض على حرب بين الجزائر والمغرب، وذلك لمصلحة الكيان الصهيوني، مشددة على ضرورة الحيطة والحذر من هذه المخططات.
ويأتي موقف حزب العمال، تعقيبا على البيان الذي أذاعته الخارجية الأمريكية على موقعها إثر المحادثات التي جمعت وزير الخارجية ماركو روبيو مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، والتي تضمنت تأكيد الوزير الأمريكي، على أن “الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتدعم مقترح الحكم الذاتي الجاد وذو المصداقية والواقعي الذي قدمه المغرب، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع”.
أكدت الجزائر أن “قضية الصحراء الغربية تتعلق بالأساس بمسار تصفية استعمار لم يستكمل ويحق في تقرير المصير لم يستوف”.
وقوبل ذلك بإصدار الخارجية الجزائرية بيانا “أبدت فيه أسف الجزائر لتأكيد هذا الموقف من قبل عضو دائم في مجلس الأمن يفترض فيه الحرص على احترام القانون الدولي بشكل عام وقرارات مجلس الأمن بشكل خاص”. وأكدت الجزائر من جديد أن “قضية الصحراء الغربية تتعلق بالأساس بمسار تصفية استعمار لم يستكمل ويحق في تقرير المصير لم يستوف”.
وفي سياق قريب، توقف حزب العمال مطولاً عند الوضع المتأزم بين الجزائر ومالي إثر التطورات المتصاعدة لحادثة إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مالية اخترقت حدوده، مشيراً إلى أنه يتابع “بقلق بالغ التصعيد المؤسف” الذي تشهده العلاقات بين البلدين، مع ما وصفه بـ”امتدادات مفاجئة” في بلدان شقيقة وصديقة في منطقة الساحل وشبه الصحراء.
وأوضح أن منطقة الساحل تزخر بثروات طبيعية هائلة، وعلى رأسها الموارد الطاقوية والمعادن، وهو ما جعلها هدفاً لكل أشكال الطمع، مشيراً إلى أن “هذه المنطقة كانت على مدى عقود ضحية لتدخلات أجنبية سافرة وتلاعبات متعددة الأوجه، خاصة عبر المديونية الخارجية ومخططات التصحيح الهيكلي، ما أدى إلى تدهور ثروات العديد من دولها، وإضعاف قدراتها، وتفشي الجماعات الإرهابية فيها، كنتيجة مباشرة لتفكك دولها بعد تدخلات عسكرية إمبريالية”.
وأكد الحزب أن “القوى الإمبريالية الكبرى، وحلفاءها وأتباعها، الذين يدعمون بشكل مباشر أو عبر صمتهم حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، هم أنفسهم من يعملون منذ سنوات على محاصرة الجزائر، التي تتقاسم أكثر من 6000 كيلومتر من الحدود مع دول شقيقة مزقتها الحروب الإمبريالية أو تلك التي اندلعت تحت مسمى صراعات إثنية مفتعلة من الخارج”.
حزب العمال: التواجد الصهيوني في المنطقة زاد الطين بلة، وفاقم الوضع الذي كان في الأساس على حافة الانفجار
وأشار إلى أن التواجد الصهيوني في المنطقة زاد الطين بلة، وفاقم الوضع الذي كان في الأساس على حافة الانفجار، مضيفا أن الجزائر، الوفية لمبادئها التحررية ورفضها لأي تدخل أجنبي، لها كامل الحق في الدفاع المشروع عن سيادتها الوطنية، وهي السيادة التي انتزعتها بدماء وتضحيات ملايين الشهداء. وشدد حزب العمال على أن التمسك بالسيادة الوطنية لا علاقة له بالشوفينية أو النزعة العدوانية، بل هو موقف شرعي وتاريخي، مضيفاً أنه يفرّق بشكل واضح بين الأنظمة والشعوب، ويأمل في تسريع وتيرة إنهاء التصعيد الحاصل، حفاظاً على السلم الإقليمي.
وكانت هذه الأزمة الطارئة بعد قرار دول مالي والنيجر وبوركينافاسو سحب سفرائها من الجزائر، قد أثارت تفاعلات كبيرة، حيث تتهم أطراف جزائرية القيادة العسكرية في مالي، بمحاولة إشعال منطقة الساحل وتحويلها إلى ساحة صراع مفتوحة للقوى الكبرى. وتوالت المواقف الحزبية التي عبّرت عن قلقها إزاء ما وصفته بتصعيد غير مبرر من قبل السلطات المالية، رافضة في الوقت نفسه أي مساس بالسيادة الجزائرية أو الزج بها في صراعات إقليمية تخدم أجندات خارجية.