إعلانات

ثقافة التقريظ

أحد, 16/03/2025 - 01:02

ممو الخراش

 

 

 

هذه البلاد - على امتداد تاريخها - لم تستطع التخلص من إرث التقاريظ البليد الذي كان يتعاطاه أسلافنا هنا، فأماتوا به روح النقد، وأشعلوا فتيل المجاملة.

صدق د. جمال ولد الحسن حين قال إن في داخل كل حداثي منا رجعيا أصيلا.

هذه الأرض يمكن أن تُصالح الكفر، وقد صالحته إلى حد ما، ويمكن أن تصالح الظلم، وقد صالحته كثيرا، ويمكن أن تتكيف مع الاستبداد، ومع الجفاف، وغلاء الأسعار، لكنها لا يمكن أن تصالح النقد، ولا أن تتكيف معه.

ما يقوله ابن عمي أو ابن جهتي شعر، أو نثر جميل، وما يقوله الآخرون لا أشم فيه رائحة البلاغة، ومن لا يعجبه ما آتيه من قول أو عمل عليه أن يأتي ببديل عنه "ال امشكر كتبتنا يكتب تحتها".

هذه الظاهرة البائسة، وهذا الخنوع امتد إلى جميع مناحي الحياة، فقد تحول إلى علامة ثقافية/ سلوكية نمارسها في كل شيء.

الرئيس المختار يناصره أهل الجنوب، والرئيس معاوية يناصره أهل الشمال، وكذا الرئيسان اعل وعزيز، بينما تناصر لبراكنه ابنها الرئيس سيد محمد، وأهل لعصابه يناصرون ابنهم الرئيس غزواني.. قد تجد مرة أحدهم لا يناصر ابن جهته في لحظة صفائه، لكن اتق شره حين يغضب "فالسر اتجيبو الغفله".

لا تستطيع الآن أن تنظر نظرة موضوعية إلى حقبة أي منهم، لأنك محكوم بزاوية النظر المحددة سلفا، ثم إنك خلقت متهما حتى تدان.

مادة النقد - في التعليم - هامشية، والتلاميذ لا يطلب منهم الرأي، ولم يتعودوا التكرم به، ويخشون ألا يوافق هوى في نفس أستاذهم، وفي التعليم العالي عليك أن تستمع للجنة النقاش تبدي آراءها حول بحثك، وحين تعطى الكلام تكتفي بشكرهم! وقبل المنافسة في إحدى مسابقات العبث الأدبية عليك أن توقع على عدم الاعتراض..