محمدُّ أحظانا
عجيب! ذكرني هذا الشريط عن زيارة رئيس الجمهورية المؤسس المختار ولد داداه لقرية إديني بمناسبة وصول طريق الوحدة (الأمل) إليها؛ بماض حُلمي.
لقد كنت شاهد عيان على هذا الاحتفال، بل كنت أركب أحد الجمال المصفوفة التي كانت تنفر من سيارات الوفد الرئاسي والراقصين، وأنا فتى لم أبلغ الحلم بعد. قدمت مع مفرزة جمال آتية من منطقة العقل من قرية بولنوار الجنوبي التابعة لمقاطعة بوتلميت.
كنت حينها أدرس كتاب العمريطي في النحو على عمي العالم محمد عبد الله ولد أحظانا بتن بنيوك.
ودرسي عند خروجي عن الحال:
الحال وصف ذو انتصاب آت
مفسرا لمبهم الهيئات
وإنما يؤتى به منكرا
وغالبا يؤتى به مؤخرا..
أرسلني خالي الكريم محمد الأمين ولد أحمد عالم مع مجموعة من الأفاضل هم: محمدن ولد أحمدو سالم ولد عبد القادر، وأحمد حرمه ولد محمد محمود، وعيسى ولد محنض، على الجميع رحمات الله الواسعة. ثم يحي ولد امود، وكان معي زميلي في محظرة العم: سيدي ولد مبارك، أستاذ محظرة الكوثر حاليا. أطال الله عمرهما.
كانت المشاهد في إديني سريالية بالمعنى الحقيقي للكلمة.
جئنا قبل الحفل وقضينا يومين على تلال إديني الحمراء. وأتذكر أن هذه هي أول مرة التقيت فيها بالعالم الحافظ والأديب الكبير الداه ولد حمين الذي رافقنا على جمل من اندومري، وكان يحدثنا حديثا بالغ التشويق والإفادة، لم نحس معه بطول المسافات. أفادني بأنه زميل الشاعر الكبير ابن الخالة أحمدو ولد عبد القادر في محظرة الشيخ محمدو حامد ولد آلا بعد أن تعرف علي.
كان يحدثنا عن كل مكان مررنا به فيسميه ويورد فيه أبياتا أو قصيدة قيلت فيه سابقا. مررنا بمنهل تغرريت التي هي تناجي حاليا، كما قال لنا القاضي الداه ولد حمين، وأخبرنا أنها كانت لأسرة أهل حمين قبل أن تؤول إلى رجل الأعمال الفذ سيدي المختار ولد عبد الله ولد والد بالشراء. وفي ذكرها يقول الشاعر سيدي عبد الله ولد أحمد دام البانعمري الحسني:
وهل لي بجنبي تغرريت إلى الصفا
إلى الأجرع الغربي فالجرذان؟
كان المشهد في إديني مثل حلم في عيوني فاحتفظت بالذكرى وفاء للزمان والمكان والإنسان.