
لا يمكن حل موضوع الهجرة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ولا باقتراحات التدوين، ولا بإثارة الرأي العام حول موضوعها؛ بل يمكن أن يكون لذلك كله تداعيات غير محمودة العقبى، كما وقع في رمضان سنة ١٩٨٩ بيننا وبين الجارة السنغال، حين عبأت جهات في السلطة يومها بعض الناس إلى ردود أفعال زادت من وتيرة العنف.
لذلك ينبغي على السلطات أن تشرع في موضوع معالجة الهجرة؛ بصورة عملية وعلميه؛ متطابقة مع مقتضيات الشرع والقانون الدولي، محافظة على عمق علاقاتنا بمحيطنا العربي والإفريقي، وبالاعتماد على جهودنا ومواردنا الذاتية؛ حتى نضمن استقلال قراراتنا.
وهنا لا بد من التركيز على الوقاية أولا ؛ وبصرامة بالغة توقف كل دخول لا يتماشى مع الإجراءات التنظيمية، وهو تحد كبير؛ لأن حدودنا البرية والبحرية شاسعة، وإمكانياتنا البشرية والتقنية قد لا تكون على مستوى هذا التحدي.
والشروع بهدوء ورية وحكمة في معالجة وضعية الأجانب الموجودين داخل البلد، بصورة مخالفة لقوانيننا في الهجرة والإقامة؛ حتى نسوي وضعيتهم إقامة أو ترحيلا، بمعاملات لائقة، يحكمها الصبر والتأني، وتقودها قيمنا الرفيعة في الكرم وإيثار عابري السبيل ممن تقطعت بهم الأسباب في وطننا وبين ظهرانينا.
والسبيل الوحيد لبلوغ هدفنا تنظيم أنفسنا؛ فلا يمكن أن ننجح في مثل هذه الخطط بقوات أمن رواتبها لا تغنيها عن الرشوة، وغير مدربة، ولا تمتلك التقنية اللازمة من طائرات مسيرة لرقابة الحدود، ولا كامرات مراقبة داخل المدن، وليس لها اتصال مع النقل العمومي الذي يحتاج إلى التنظيم الدقيق، والتعاون مع الأمن.
ويبقى التعاون بيننا وبين جيراننا في هذا الموضوع مهما، لكن يجب أن يكون نديا، وهنا تثار مسألة الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في موضوع الهجرة، وأرى أن ما نشره البرلمان الأوروبي عن هذه الاتفاقية لم يكن لنظام أي كان أن يقدم على توقيعه، وكان يجب أن يحتج دبلوماسيا على فقرات كثيرة فيه، وقد أكدت السلطات أنها لم توقعه، وإنما اكتفت بتوقيع بروتكول تعاون، وفي بعض تصريحات رئيس جزر الكناري مؤخرا ما يدل على أن موريتانيا لم تجد دعما ماليا من الاتحاد الأوروبي.
وهذا حسن فموريتانيا يجب أن تعتمد على نفسها في جميع أمورها التنموية، وخاصة فيما يتعلق بالأمن والدفاع، وقضية الهجرة موضوع كبير معقد يحتاج تعاون جميع مكونات المجتمع؛شريطة أن يكون ذلك بمبادرة وتنسيق وتخطيط من أجهزة الدولة المعنية.