صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لعلمية اعتراض صاروخ أطلقه حزب الله، 25 أغسطس 2024. © أ ف ب
بالرغم من مقتل الصف الأول من قياداته العسكرية والسياسية خلال الشهرين الماضيين، تمكن حزب الله من ضرب أهداف عسكرية في حيفا ونهاريا وتل أبيب وأخيرا أسدود في أقصى جنوب إسرائيل بدقة عالية، ما شكل مفاجأة للدولة العبرية التي وضعت نصب أعينها تدمير قدرات الحزب الله وأثار الفضول حول سبل وصول حليف إيران إلى هذا المستوى العسكري العالي.
في هذا الصدد، كشف مسؤولون إسرائيليون وغربيون في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني أنه -خلال حرب تموز/ يوليو 2006- تمكن حزب الله من الاستحواذ على صواريخ إسرائيلية متطورة مضادة للدبابات سلمها لإيران التي تمكنت بدورها من صناعة نسخة منها. وأشارت نفس المصادر لوسيلة الإعلام الأمريكية أن الحزب استخدمها في الحرب الجارية مع تل أبيب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
من سبايك إلى ألماس
فاجأ حزب الله إسرائيل باستهداف قواعد عسكرية وأنظمة اتصالات وبطاريات دفاع جوي بدقة وقوة شديدتين ما جعل القوات الإسرائيلية تواجه تحديا إضافيا. ويصل مدى هذه الصواريخ إلى 16 كيلومترا وهي مجهزة بأنظمة توجيه متطورة تمكنها من ضرب أهدافها بدقة.
وليس بالجديد أن تستنسخ إيران عتادا حربيا بهدف استخدامه ضد أعدائها الذين صنعوا النسخة الأصلية منها، إذ قامت الجمهورية الإسلامية في السابق باستنساخ صواريخ وطائرات مسيرة.
تغيير في موازين القوى
"استخدام إيران لصواريخ ألماس المتطورة يغير بشكل تام موازين القوى بالمنطقة" وفق محمد الباشا، محلل الأسلحة في الشرق الأوسط الذي يدير شركة استشارات مقرها في فيرجينيا الأمريكية.
ويضيف الباشا: "تحولت إيران من استخدام صواريخ قديمة الطراز إلى التعويل على تكنولوجيا حديثة في ساحات المعارك التي تشارك فيها".
وتمثل صواريخ "ألماس" جزءا من مخزون الأسلحة لدى حزب الله التي صادرتها إسرائيل منذ بداية اجتياحها البري لجنوب لبنان قبل نحو شهرين، وفق تأكيد مسؤولين عسكريين إسرائيليين للصحيفة الأمريكية.
وتعد هذه الصواريخ من بين أكثر الأسلحة تطورا ضمن مخزون كبير من الذخائر التي يملكها حزب الله ومن بينها صواريخ كورنيت روسية الصنع المضادة للدبابات. وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي بأن القوات الإسرائيلية -عند توغلها في جنوب لبنان- اكتشفت مخازن كبيرة للأسلحة الروسية ساهمت في زيادة قدرات حزب الله القتالية.
ما هي قدرات صواريخ ألماس؟
صاروخ ألماس هو عبارة عن صاروخ موجه لا يحتاج إلى الإطلاق من عربات أو طائرات مسيرة أو مروحيات. بل هو صاروخ يطلق من الأرض ما يعنى أنه يأخذ منحنى "باليستيا" وبالتالي فهو قادر على ضرب أهدافه من فوق وليس من الجوانب، وهو ما يجعلها قادرة على إحداث ضرر أكبر باعتبار أن نقطة ضعف المدرعات والدبابات هو سطحها.
"من المرجح أن صواريخ ألماس بطرازها الحالي أو حتى المستقبلي ستستخدم في الجبهة من قبل الفصائل المدعومة من إيران وستمثل تهديدا لتشكيلة متنوعة من الأهداف (ليس الإسرائيلية لوحدها) وعلى مدى جغرافي متصاعد" وفق تحليل نشره في نيسان/ أبريل مركز الدراسات والبحوث "ألما" الذي يعنى بمسائل الدفاع في شمال إسرائيل.
وتوجد ثلاثة طرازات معروفة من صواريخ ألماس، وتم تطوير كل طراز منها مقارنة بسابقتها. في يونيو/ حزيران الماضي، صرح باحثون في مركز "ألما" بأن حزب الله بدأ في استخدام الطراز الرابع من هذه الصواريخ، وتشمل التحسينات التي أدخلت على هذا الطراز قدرة الصاروخ على إرسال صور أكثر دقة لمطلقيه أثناء تحليقه في الجو.
وحسب مجموعة "كات- إكسو CAT-UXO المختصة في التوعية حول الأسلحة، فإن صواريخ ألماس قادرة على حمل نوعين من القذائف، الأولى قابلة للانفجار على مرحلتين ما يجعلها أكثر قدرة على اختراق التحصينات، والثانية تتمثل في قنبلة حارقة قادرة على إحداث كتلة من اللهب عند انفجارها.
وبعد سنوات من نهاية حرب 2006، أجرى الجيش الإسرائيلي جردا للأسلحة التي استخدمها في لبنان لمعرفة الأسلحة التي أعادها عند انتهاء الحرب أو تلك التي تم تدميرها خلال المعارك.
وبات من الواضح، وفق تصريح عسكريين إسرائيليين للصحيفة الأمريكية، أن أنظمة صواريخ سبايك بأكملها تتضمن القاذفة وعددا من هذه الصواريخ، قد تركت على الأرجح في ساحة القتال. وهو ما جعل الدولة العبرية على يقين بوجود إمكانية كبيرة لنقلها إلى إيران حيث يتم تفكيكها وإعادة تصنيعها.
ووفق عسكريين إسرائيليين، فإن حزب الله بات يصنع صواريخ ألماس في لبنان للتقليل من اعتماده على شحنات الأسلحة التي تصل من إيران. فيما تواصل طهران من جهتها تصنيع هذه الصواريخ لفائدة قواتها المسلحة.