أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اختيار رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار ليكون رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا للراحل إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران قبل أسبوع.
وقالت الحركة في بيان مقتضب نشرته مساء اليوم الثلاثاء "تعلن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن اختيار القائد يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا للقائد الشهيد إسماعيل هنية رحمه الله".
وقال مصدر خاص للجزيرة نت إنه تم اختيار السنوار بالإجماع عبر آليات التصويت المتبعة داخل الحركة.
من جانبه، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان خلال مقابلة مع الجزيرة إن اختيار السنوار "يدل على أن الحركة تدرك طبيعة المرحلة".
وأوضح حمدان أن تدرج السنوار منذ سنوات شبابه في مواقع عديدة داخل الحركة جعله مؤهلا لقيادتها في هذه المرحلة، مشيرا إلى أنه سيكون حوله فريق في قيادة الحركة عونا وسندا له.
وتابع قائلا "رغم كل معاناة شعبنا والإرهاب الذي يمارسه الاحتلال والمجازر اليومية المرتكبة بحق شعبنا… فإن هذه الحركة لا تزال صامدة في الميدان ولا تزال صامدة في السياسة".
"محل إجماع"
وأكد حمدان أن السنوار يحظى بالقبول من الجميع في الحركة وهو "محل إجماع"، مشيرا إلى أن هناك جملة من الترتيبات ستتم بعد اختياره رئيسا للحركة.
وفيما يتعلق بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن وقف الحرب وتبادل الأسرى، قال حمدان إن من المبكر الحديث عما ستؤول إليه عملية التفاوض، مشيرا إلى أن الفريق الذي تابع المفاوضات تحت إشراف الراحل هنية سيتابعها تحت إشراف السنوار.
والسنوار من مواليد عام 1962، واعتقلته إسرائيل عدة مرات وحكمت عليه بـ4 مؤبدات قبل أن تحرره المقاومة في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، التي عرفت بصفقة جلعاد شاليط.
وقد عاد بعدها إلى نشاطه في كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، ثم انتخب رئيسا للحركة في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021.
"ثقة بأبي إبراهيم"
وقالت حركة حماس في بيان آخر إن اختيار السنوار جاء "بعد مشاورات ومداولات معمقة وموسعة في مؤسسات الحركة القيادية".
وأضافت أنها "إذ تعبّر عن ثقتها بالأخ أبي إبراهيم قائدا لها في مرحلة حساسة، وظرف محلي وإقليمي ودولي معقد، فإنها تسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه ويسدد خطاه، وأن يكتب النصر المؤزر المبين لشعبنا وقضيتنا".
وتابعت الحركة "إننا نستذكر في هذه اللحظة التاريخية قائدنا الشهيد إسماعيل هنية رحمه الله، الذي قدم في سيرته القيادية نموذجا للقيادة الشجاعة والحكيمة والمنفتحة، وإننا على يقين أن أبا إبراهيم وإخوانه في قيادة الحركة سيكملون مسيرته ومسيرة القيادات السابقة، وسيحافظون على إرثهم الجهادي والنضالي، حتى التحرير والعودة".
"مهندس الطوفان"
يذكر أن إسرائيل تعدّ السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم، فأعلنت أن تصفيته أحد الأهداف الرئيسية لحربها الحالية على غزة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن "تعيين القاتل السنوار زعيما لحماس هو سبب آخر للقضاء عليه ومحو ذكر هذه المنظمة من على وجه الأرض".
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن تعيين السنوار رئيسا لحركة حماس "مفاجئ، ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس في غزة قوية وقائمة وستبقى".
من جانبه، قال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" آفي يسخاروف إن "حماس اختارت أخطر شخص لقيادتها".
وقد دوّت صفارات الإنذار في عسقلان وسديروت إلى الشمال من قطاع غزة عقب الإعلان عن اختيار السنوار رئيسا لحركة حماس، وفقا لما أورده موقع "والا" الإسرائيلي.
السنوار (وسط) تحرر من الأسر عام 2011 في صفقة "وفاء الأحرار" (أسوشيتد برس)
الفصائل تبارك
وفي ردود الفعل الفلسطينية، أعربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن تمنياتها للسنوار بالتوفيق في "حمل المسؤولية العظيمة خلفا لهنية".
وأكدت الجبهة ثقتها في "قدرة الإخوة في حماس على تجاوز المحنة والمصاب الجلل باستشهاد القائد إسماعيل هنية، ومواصلة مسيرته ومسيرة كل الشهداء القادة".
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية عن أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) جبريل الرجوب قوله إن السنوار "شخصية براغماتية ورجل واقعي ومنطقي، وهكذا عرفته في الأسر وخارج الأسر".
وأضاف الرجوب أن قرار اختيار السنوار "رد منطقي ومتوقع على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية".
بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إنها تبارك للإخوة في حماس اختيار القائد السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة.
وأضافت في بيان أن نجاح حركة حماس "في إجراء مشاورات داخلية وملء الفراغ في رئاسة المكتب السياسي بعد اغتيال القائد الشهيد إسماعيل هنية، رحمه الله، بهذا المستوى من السرعة، ورغم كل الحرب عليها، هو رسالة قوية للعدو الصهيوني بأن حركة حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وبأن العدو لم ينل من هيكليتها شيئا رغم حرب الإبادة".
وأعربت حركة الجهاد الإسلامي عن تمنياتها بالتوفيق للسنوار وحركة حماس في "المضي قدما نحو تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة ودحر الاحتلال".
من جهتها، قالت لجان المقاومة الفلسطينية إن اختيار السنوار "صفعة كبيرة للمخططات الخبيثة للعدو، ورد على اغتيال القائد هنية".
وأضافت أن المقاومة وفي مقدمتها حماس "ستبقى وفية لدماء الشهداء وعنوانا للتمسك بحقوقنا وثوابتنا".
من ناحية أخرى، تقدم حزب الله اللبناني بالتهنئة للسنوار وقيادة حركة حماس وجميع مقاتلي كتائب القسام.
وقال الحزب في بيان إن اختيار السنوار "من قلب قطاع غزة المحاصر، الموجود مع إخوانه المجاهدين في الخنادق الأمامية للمقاومة وبين أبناء شعبه تحت الركام والحصار والقتل والتجويع هو تأكيد أن الأهداف التي يتوخاها العدو من قتل القادة والمسؤولين فشلت في تحقيق مبتغاها".
وأضاف أنها "رسالة قوية للعدو الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة وحلفائها بأن حركة حماس موحدة في قرارها، صلبة في مبادئها، ثابتة في خياراتها الكبرى".
المصدر : الجزيرة + الصحافة الإسرائيلية