مشاهد طائرة "الهدهد" كشفت تفاصيل مقر قيادة قاعدة "رامات دافيد" الجوية، ومنصات القبة الحديدية ومساكن الضباط فيها (مواقع التواصل )
بيروت- نشر الإعلام الحربي لحزب الله، اليوم الأربعاء، مقطع فيديو جديد تحت عنوان "حلقة خاصة" مركزا فيه على قاعدة "رامات دافيد" الجوية، وهي القاعدة الإسرائيلية الأكبر في المنطقة الشمالية، وتضم تخصصات متعددة على مستوى سلاح الجو الإسرائيلي، بما في ذلك الرصد والاستطلاع وتنفيذ الهجمات، وتقع على بُعد نحو 46 كيلومترا من حدود لبنان الجنوبية.
اللقطات المصورة باستخدام طائرة بدون طيار من طراز "الهدهد" شملت أيضا مناطق حيفا ومرتفعات الجولان، وعرضت تفاصيل متعلقة بالمقاتلات الحربية والمروحيات القتالية، ومروحيات النقل والإنقاذ والاستطلاع البحري، بالإضافة إلى منظومات الحرب الإلكترونية الهجومية.
كما يُظهر المقطع الذي مدته نحو 8 دقائق، مقر قيادة القاعدة الجوية، ومنصات القبة الحديدية، وقبة الاتصالات، ومرآب وأقسام الصيانة، ومسكن الضباط، وغيرها من المراكز التابعة للقاعدة، وهو ما يبرز قدرات حزب الله الاستخباراتية والاستطلاعية، حيث تم تصوير الفيديو قبل يوم واحد فقط من نشره، مما يشير إلى رسالة الردع والتوازن فيما يخص القدرات الاستطلاعية والعسكرية للحزب.
ويتزامن نشر المقطع مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن وقبيل كلمته المرتقبة أمام الكونغرس الأميركي، ومن جهتها علّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية واصفة المقطع بأنه "مقلق جدا"، وأنه "يوضح مدى ضعفنا، وهذه وصمة عار".
رسائل الهدهد
يعتبر المحلل السياسي الدكتور علي المطر في حديثه للجزيرة نت أن عرض حزب الله لرسالة الهدهد التي تم تصويرها أمس في قاعدة "رامات دافيد" الجوية العسكرية يحمل دلالات إستراتيجية عديدة تعكس قدرات تقنية واستخباراتية عالية لدى الحزب.
- أولا، استطاع حزب الله الوصول إلى أهداف دقيقة داخل هذه القاعدة، بما في ذلك التعرف على قائد القاعدة والوصول إلى مساكن الضباط والقادة الجويين.
- ثانيا، يأتي هذا العرض في ظل استنفار كامل لدى الكيان الإسرائيلي، وخاصة بعد ضربة الحديدة، حيث يتوقع الجيش الإسرائيلي استهدافا من قبل اليمنيين، رغم ذلك، تمكن حزب الله خلال 24 ساعة من تنفيذ عملية رصد دقيقة، مما يبرز فشل القدرة الإسرائيلية على كشف هذه المسيرات.
- ثالثا، يعد كشف حزب الله لهذه القاعدة الجوية سابقة في تاريخ الحروب مع الكيان الإسرائيلي منذ عام 1948، مما يمنحه القدرة على تحييد سلاح الجو الإسرائيلي في أي حرب مقبلة.
- رابعا، يملك حزب الله اليوم بنك أهداف إستراتيجي كبير يشمل الأهداف العسكرية، الأمنية، الاقتصادية، والمدنية داخل الكيان الإسرائيلي، مما يتيح له الوصول إلى هذه الأهداف بفعالية.
- خامسا، يمتلك حزب الله منظومات حرب إلكترونية وهجومية متطورة، تمكنه من تضليل الأهداف الدفاعية الجوية وأجهزة الرصد لدى الكيان الإسرائيلي.
ضوء أخضر للضغط
ومن الناحية السياسية، يوضح مطر أن الرسائل المتعددة الأوجه التي يحملها هذا العرض تتزامن مع زيارة نتنياهو للولايات المتحدة الأميركية، في محاولة لكسب دعم الديمقراطيين أو الجمهوريين على حد سواء في الكونغرس، بالإضافة إلى الإدارة الأميركية الحالية أو المرشح الجمهوري دونالد ترامب في حال فوزه بالانتخابات.
كما يسعى نتنياهو للحصول على الضوء الأخضر لمزيد من الضغط على لبنان، خاصة في ظل الأزمات التي يواجهها في ما يتعلق بإعادة المستوطنين إلى المناطق الشمالية وتوسيع العمليات العسكرية مع لبنان.
ويشير مطر إلى أن هذه الرسائل تظهر تعاون محور المقاومة بأكمله، وجاءت بعد استهداف ميناء الحديدة، مما يعكس التشديد على وحدة جبهات الإسناد، مؤكدا أن حزب الله لن يتوقف طالما هناك عدوان على قطاع غزة، ويربط الأمور مع القطاع في إطار عدم الرغبة في حرب شاملة.
كما يرى مطر أنها رسالة طمأنة للبنانيين حول قدرات المقاومة، وإمكانية خوض حرب على هذا المستوى مع الجانب الإسرائيلي وإلحاق الأضرار به.
خرق خطير
يؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة للجزيرة نت أن "الحلقة الخاصة" تكشف عن خرق خطير للسيادة الإسرائيلية، كما تسلط الضوء على قدرة المقاومة على جمع معلومات دقيقة عن منطقة إستراتيجية وقاعدة جوية مزودة برادارات وتجهيزات إلكترونية، وذلك في أقل من 24 ساعة.
ولفت شحادة إلى أن الطائرة اليمنية المسيرة "يافا"، التي أطلق عليها الإسرائيليون اسم "طوفان"، تمكنت من اختراق الحصانة الجوية الإسرائيلية أثناء الهجوم، وبعد هذا الاختراق، تمكن حزب الله من التقاط صور حية لقاعدة عسكرية في الجبهة الشمالية.
وعن التفاصيل التي يحتويها الفيديو، قال الخبير العسكري إنها تدل على أن المقاومة تمتلك مصدر معلومات آخر غير "الهدهد"، فقد تمكنوا من تحديد أسماء قادة القاعدة، وهو ما يشكل خرقا كبيرا للأمن الإسرائيلي، لأن كشف هويات القادة ورتبهم يُعد من الأمور المحظورة.
كما أكد أن الحلقة تسلط الضوء على استعداد المقاومة للحرب، وقدرتها على استهداف الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية في اليوم الأول والساعات الأولى، وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة للبنان، تواصل المقاومة تعزيز قدرتها على التأثير في سير الحرب، في حال قررت إسرائيل فتح جبهة شاملة.
ووصف شحادة هذا الخرق بـ"طوفان الأقصى رقم 3″، مميزا إياه عن "طوفان الأقصى رقم 1″ باعتبار أنه الذي وقع في تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة، و"طوفان الأقصى رقم 2″ الذي تم بواسطة الطائرة "يافا" التي انطلقت من اليمن.
المصدر : الجزيرة