نظّم بيت الشّعر نواكشوط مساء اليوم السّبت 20 يوليو 2024 ندوة ثقافيّة ضمن سلسلته: "مقاربات نقديّة" الّتي تهدف إلى إبراز وجوه فكريّة مؤطّرة تواكب الإبداع الثقافيّ والفكريّ الذي تشهده السّاحة، بالموازاة مع سعي بيت الشّعر الحثيث إلى رعاية المبدعين وجعله منبرا ثابتا لتنمية الفكر والثّقافة واستقصاء الأعمال الفنّيّة بتنوّع مشاربها وخلفياتها، بغية تسليط الضّوء عليها، ضمن فسحة دائبة؛ خلالها يتلاقى أصحاب الفنون والأعمال في أكثر من زاوية.
وتناولت النّدوة موضوع "المسرح الموريتانيّ: الواقع والآفاق"؛ مستضيفة شخصيتين مسرحيتين هما: د. محمد فال عبد الرحمن، وأ. التّقيّ عبد الحيّ سعيد، فيما أدار الجلسة البروفسير عبد الله السيّد مدير بيت الشّعر-نواكشوط، الّذي مهّد للمحاضرين حول تاريخ المسرح في الآداب العالميّة، ثمّ انتقاله إلى المجتمع العربيّ إبّان العصر الحديث وتلاقح الحضارات ثقافيّا وفكريّا ضمن سلطة الدراما والتراجيديا.
وقد أحال الكلمة أوّلا إلى المحاضر الدكتور محمد فال عبد الرحمن وهو دكتور وباحث جامعيّ من مواليد 1956بمدينة أبي تلميت، حصل على الباكلوريا من الثانوية العامّة بنواكشوط 1978 وعلى الإجازة من جامعة دمشق 1983، وشهادة الدّراسات المعمّقة من جامعة الرباط 1987، وشهادة دكتورا في المسرح من ذات الجامعة 2015، مشتغل بفنّ المسرح وأدبه، وقد شغل سابقا عديد العضويات والمناصب الرئيسة بمؤسّسات ثقافية وطنيّة، وإدارة عدّة صحف وجرائد بارزة من ضمنها محرّر في "جريدة الشّعب"، وأمين "مكتب المدرسة الوطنيّة للإدارة(القسم العربيّ)" ورئيس "قسم الدّراسات الاجتماعيّة بالمعهد الموريتانيّ للبحث العلميّ"، كما له عديد البحوث الهامّة بمجاله من قبيل: "الملتقي الأعزل في مواجهة الإعلام الأجنبي" و "السينما العربية الجادة واليازرلي" و" الرواية الوجودية كما تعرضها "الغريب" لآلبيركامي".
وقد عبّر محمد فال عبد الرّحمن في مداخلته إلى بدايات تشكّل المسرح الموريتانيّ، والتّحدّيّات التي واجهته، والقضايا الّتي كانت من صلب اهتمامه، مبرزا قلق الانطباع الاجتماعيّ السّلبيّ المعترض لهذا اللّون الثقافيّ الخصيب خلال بداياته، ثمّ غياب الدّعم الكفيل بتفجير طاقات مسرحيّة متتالية، مبديا خوفه المستقبليّ من فتور عسير قد يعترض المسرح الوطنيّ الذي لم يبرح بعد إرهاصات النّشأة.
فيما أحيلت الكلمة ثانيا إلى المحاضر الأستاذ التّقيّ عبد الحيّ سعيد، وهو أستاذ من مواليد 1967 بالمذرذرة، حاصل على الباكالوريا 1988 بنواكشوط، وعلى شهادة الإجازة المسرحيّة من المعهد العالي للفنون المسرحيّة بجامعة تونس 1995، بالإضافة إلى تلقّي تدريبات فنّيّة وعلميّة من مراكز ومعاهد وهئيات مسرحيّة وسينمائيّة بتونس لأكثر من عقد، مشتغل بالمسرح الموريتانيّ وشغوف بالفنّ منذ بداياته الدّراسيّة، كان من أوائل الأوائل الذين أسّسوا المسرح الوطنيّ وطوّروا من أدائه ورسالته، حيث عمل مع جيل الروّاد على خلق جمهور سينمائي موريتانيّ، ونقل التّيمات المحليّة إلى المتلقّي بصورة واقعية، وهو صاحب خبرات واسعة في مجاله، وعضو فعّال بأغلب المؤسّسات المسرحية الوطنيّة، صاحب خبرة عالية إذ يدير مركز "فنون الأداء الموريتانيّ" فى إطار الشّراكة بين وزارة الثقافة والهيئة العربيّة للمسرح ، وكاتب ومخرج العرض المسرحيّ( ليالي لفريك )المشارك في مهرجان الشّارقة الدّوليّ للمسرح الصّحراويّ يعمل أستاذا لمادّة المسرح فى "المعهد العالي لتكوين أطر الشباب والرياضة". وتحدّث في كلمته إلى ضرورة إنشاء مؤسّسات حكوميّة تعبر بالمسرح الوطنيّ إلى الآفاق المرجوّة، مشيرا إلى أبرز المحطّات التاريخيّة محلّيّا.
وأبرز الأستاذ التقي الدور الكبير الذي قامت به إمارة الشارقة، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من أجل دعم المسرح الموريتاني مستعرضا عديد التجارب في مجال المسرح المدرسي، ومهرجان المسرح الموريتاني.
وقد عبر عن شكره لهذا الدعم السخي ماديا ومعنويا شاكرا جهود الهيئة العربية للمسرح في الشارقة.
وعلى هامش النّدوة قدّم عديد الحاضرين كلمات في السّياق تتطرّق في مجملها إلى شجون المسرح من عوائق وتحدّيات ما تزال بحاجة إلى حلول كاشفة ترقى بالمسرح الموريتانيّ فنّا ورسالة إلى العالميّة.
واختمت الأمسية بصورة تذكاريّة جماعيّة، وسط حضور متنوّع من الدكاترة والأساتذة والباحثين الجامعيّين وجمهور من المسرحيّين وعشّاق المسرح وروّاد بيت الشعر.