حكايات مروعة عن علاقات جنسية للجنود الأميركيين مع فرنسيات بين عامي 1944 و 1946
إيلاف من باريس: فيما يمكن تسميته "فضيحة القرن" التي تم التعتيم على بعض تفاصيلها طوال 80 عاماً، كشفت سيدات فرنسيات تفاصيل مروعة عن تعرضهن للاغتصاب على يد جنود أميركيين خلال إنزال النورماندي في العام 1944.
وحصل إنزال الحلفاء على شاطىء النورماندي في فرنسا في 6 حزيران (يونيو) 1944، وشارك فيه 156 ألف جندي أميركي وبريطاني وفرنسي.
وفي تفاصيل التقرير الذي نقل شهادات الضحايا تقول الوكالة: "اختارت إيميه دوبري التزام الصمت طيلة 80 عاما بشأن اغتصاب والدتها في العام 1944، ولكن مع اقتراب الاحتفالات بذكرى إنزال قوات الحلفاء في فرنسا كشفت عن ارتكاب جنديين أميركيين جريمة الاغتصاب".
وكانت إيميه حينها تبلغ من العمر 19 عاما وتعيش في قريتها الصغيرة في مونتور في منطقة بروتانيي، وعلى غرار جميع جيرانها عبرت يومها عن ابتهاجها بوصول هؤلاء "المحررين" لإعلان نهاية الاحتلال الألماني لكنها سرعان ما أصيبت بخيبة أمل.
وذكرت إيميه (99 عاما) أنه مساء العاشر من آب (أغسطس) 1944 دخل جنديان أميركيان مزرعة العائلة وكانا في حالة سكر ويرغبان في امرأة.
وسحبت إيميه رسالة من قطعة أثاث قديمة كانت كتبتها والدتها إيميه إيلوديس أونوريه لها وقرأت الابنة سطورها بتأثر رغم مرور 80 عاما على ما حصل، حيث كتبت الأم المزارعة "أطلق الجنديان النار على زوجي واخترق الرصاص قبعته، ثم توجها مهددين صوب ابنتي.. خرجت لحمايتها فأخذاني إلى الحقول وقاما باغتصابي، كل واحد منهما أربع مرات مداورة".
الأم تضحي بنفسها
وتتابع ابنة الضحية قائلة "لقد ضحت أمي بنفسها لحمايتي.. وبينما كانوا يغتصبونها كنا ننتظر في الليل من دون أن نعرف ما إذا كانت ستعود على قيد الحياة أم سيطلقون عليها النار".
قرب بلابينيك في منطقة بريست في أقصى غرب بروتانيي، تتذكر جان بينغام البالغة من العمر 89 عاما "كما لو كان ذلك بالأمس" عملية اغتصاب أختها الكبرى كاترين ومقتل والدها على يد جنود أميركيين.
وتقول "أراد أمريكي اغتصاب أختي الكبرى تدخل والدي فأطلق الجندي النار عليه.. تمكن الرجل من تهشيم الباب ودخول المنزل".
ركضت جان البالغة حينها 9 أعوام لإعلام فرقة عسكرية أميركية متمركزة على بعد بضعة كيلومترات، بالأمر.
اعتقدوا أنه ألماني
وتروي "قلت إنه ألماني وكنت مخطئة آنذاك، وعندما رأوا الرصاص في اليوم التالي، فهموا على الفور أنه أميركي".
وتقول جانين بلاسار وهي إحدى بنات كاترين، إن والدتها احتفظت لنفسها "بهذا السر الذي سمم حياتها حتى أيامها الأخيرة".
وتتابع "قالت لي وهي على سريرها في المستشفى لقد اغتصبت أثناء الحرب.. أثناء التحرير"، فسألتها: هل تمكنت من إخبار أحد؟ قالت لي: أخبر أحدا؟ كان التحرير وكان الجميع سعداء، لم أكن أريد أن أقول شيئا كهذا، لم يكن من الممكن أن أقول شيئا، لم يكن أحد ليصدق!".
للتحرير جانب مظلم
ويوضح فيليب بارون وهو مؤلف فيلم وثائقي عن هذه الرواية وعن كتاب آخر بعنوان "الجانب المظلم من التحرير"، إنه تم تكليف غييو بمهمة الترجمة خلال محاكمات الاغتصاب في المحاكم العسكرية الأميركية، وقد أشار إلى أن "المحكوم عليهم بالإعدام جميعهم تقريبا من السود".
وبعد صدور الأحكام، شنق هؤلاء الجنود في الساحات العامة بالقرى الفرنسية، وبينهم مغتصبا إيميه إيلوديس وكاترين تورنوليك.
ويرى بارون أنه "وراء موضوع الاغتصاب من جانب المحررين المحرم، سر مخز يتمثل في وجود جيش أميركي عنصري مدعوم أحيانا من سلطات محلية عنصرية".
ويضيف "بعد أن يمثل أمام محكمة عسكرية، كانت حظوظ جندي أميركي بالتبرئة شبه معدومة.. لا يزال هذا الموضوع آنيا بشكل مروع، لأنه لا يزال ينظر إلى الرجال السود اليوم على أنهم مذنبون ما إن يمثلوا أمام القضاء".
وحاكمت السلطات العسكرية الأميركية في أكتوبر 1944 في نهاية معركة النورماندي الحاسمة 152 جنديا بتهمة اغتصاب نساء فرنسيات.
وكشفت إحصاءات أنه بين 29 جنديا حكم عليهم بالإعدام بتهمة الاغتصاب بين 1944 و1945، 25 هم من السود.
وفي هذا الصدد تقول ماري لويز روبرتس وهي واحدة من المؤرخين النادرين الذين بحثوا في هذا الموضوع المحظور بشكل كبير في الحرب العالمية الثانية، إنه رقم "أقل بكثير من الواقع".
وتوضح "فضّلت نساء كثيرات التزام الصمت.. فبالإضافة إلى العار المرتبط بالاغتصاب، كان الجو مليئا بالفرح والاحتفال بالمحررين".
النساء لرفع المعنويات!
وتفيد المؤرخة الأميركية بأنه لتحفيز وتشجيع الجنود على القتال خارج وطنهم، "وعدهم الجيش بفرنسا مليئة بنساء سهلات المنال".
ونشرت صحيفة "ستارز أند سترايز" التي كانت تصدرها القوات المسلحة الأميركية ويطالعها بشغف آلاف الجنود المنتشرين في أوروبا، صورا لنساء فرنسيات يقبلن الجنود المحررين، وعنونت الصحيفة بتاريخ التاسع من سبتمبر 1944 "الفرنسيات مهووسات باليانكيز (تسمية تطلق على الأمريكيين) وهذا ما نقاتل من أجله".
وتوضح المؤرخة "لقد حفّزت ممارسة الجنس الجنود الأميركيين على القتال، وكان ذلك خصوصا من خلال الدعارة والاغتصاب، وسيلة للسيطرة على فرنسا، والسيطرة على الرجال الفرنسيين الذين كانوا لم يتمكنوا من حماية بلادهم ونسائهم من الألمان".
آلاف الحالات بين 44 و 46
وتضيف "يمكن تقدير أنه لم يتم الإبلاغ عن مئات إن لم نقل الآلاف من حالات الاغتصاب الأخرى التي ارتكبها جنود أميركيون في الفترة الممتدة بين العام 1944 وحتى مغادرة الجنود الأمريكيين في أبريل 1946".
وتقول روبرتس إنه عندما كان الجيش الأميركي يدرك أن "الوضع صار خارجا عن السيطرة"، كان يختار الجنود السود ككبش محرقة من أجل تحويل الاغتصاب إلى "جريمة سوداء" وحماية سمعة الأميركيين البيض".
وتوضح روبرتس "غالبا ما كان يتم تعيين الجنود السود في الوحدات اللوجستية المتمركزة بشكل دائم في المكان نفسه، ما يعزز تواصلهم المباشر مع السكان المحليين بما في ذلك النساء، أما الجنود البيض فكانوا في وحدات متحركة كان في إمكانهم اغتصاب فرنسية في المساء والمغادرة في الصباح من دون أن يتم توقيفهم ما كان أيضا يساهم في التشكيك بشهادة الضحية إن حصلت".
"نساء وجنود أميركيون"
ووضعت المؤرخة ماري لويز روبرتس تحت الرقابة الأمنية في العام 2013 إثر نشر كتابها "نساء وجنود أميركيون".
وتعتقد اليوم أنه وبعد مرور 80 عاما على عملية الإنزال "لا تزال أسطورة الجنود الأميركيين قائمة".
وتذكر المؤرخة "كانت الحرب العالمية الثانية "الحرب من أجل هدف سام" لأن كل الحروب التي قادتها حكومتنا منذ ذلك الحين كانت هزائم أخلاقية مثل حرب فيتنام أو حرب أفغانستان".
وتضيف "لا أحد يريد أن يخسر هذا البطل الأميركي الذي يجعلنا فخورين الجندي الأميركي الشجاع والشريف، حامي المرأة حتى لو كان ذلك يعني استمرار الكذبة إلى ما لا نهاية".