إعلانات

في خيمة القذافي: ذكريات مراسل

سبت, 01/06/2024 - 03:36

في صيف 2005، بينما كانت ليبيا تحاول الخروج من حصار فرض عليها بعد حادثة لوكربي، تلقيت أثناء وجودي في طرابلس دعوة مفاجئة من أمين الإعلام الخارجي جمعة بالخير لتغطية نشاط في سرت. انطلقت في رحلتي من طرابلس برفقة زميلي خالد الديب، على متن طائرة إيرباص فاخرة من طراز A319. كنا نحن الاثنين فقط مع طاقم الطائرة المكون من ثلاثة أفراد. كانت الطائرة مزودة بكل وسائل الراحة، من مقصورات للاجتماعات إلى غرف نوم فاخرة، واستمتعنا برائحة القهوة التي قُدمت لنا مرارتها الزائدة حرمتني من تناولها.

#### الطريق إلى خيمة القذافي

بعد أربعين دقيقة من الطيران، هبطنا في مطار سرت. ركبنا سيارة لاند كروزر واتجهنا نحو منطقة صحراوية. كان الطريق في البداية معبدًا محاذيًا للبحر، ومن ثم انحرفنا عبر طريق بري منساب فوق صحراء قليلة الأشجار. شاهدت قطيعًا صغيرًا من النوق وصغارها، ثم بدت في الأفق ثلاث خيام بيضاء. توقفت السيارة أمام الخيمة الأكبر حجمًا والواقعة في الناحية الشرقية.

#### لقاء مع القذافي

عند وصولنا، لاحظت آثار الرماد والحطب أمام الخيمة، مما أضفى على المكان شعورًا بالبساطة والأصالة. استقبلنا القذافي بلا حرس مشدد ولا بروتوكولات فخمة. ولا مظاهر. امنية تذكر كان يرتدي لباسًا أبيض، تزينه النياشين. وخارطة افريقيا ..بدت على وجهه آثار النوم، وكأنه استيقظ للتو. بعد السلام وتبادل اطراف الحديث معنا، بدأ حديثه عبر الأقمار الصناعية، متناولًا إسهامات العلماء العرب والمسلمين في العلوم، مشيرًا إلى أن كلمة "Medicine" مشتقة من اسم ابن سينا. تحدث أيضًا عن تنكر الغرب للمسلمين وثقافتهم.

#### تفاصيل اللقاء

استمرت المحاضرة نحو ساعتين. كنت أجلس في الوسط قبالة القذافي عن يميني جمعة بالخير أمين الإعلام الخارجي الذي استقبلنا في سرت، وعن يساري رفق الرحلة خالد الديب، وأحمد إبراهيم الأمين المساعد لمؤتمر الشعب العام، وهو المسؤول الوحيد الذي وجدناه أمامنا مع الزعيم الليبي القذافي. تحدث القذافي أمامنا وحمده الله عن رؤيته للعالم والسياسة. كانت لهجته صريحة وحادة، تحدث عن "حلف الأطلسي" وكيف يسعى للسيطرة على موارد الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن ليبيا مستهدفة بسبب موقعها ومواردها. خلال النقاش، ذكر القذافي أن الغرب لا يفهم الثقافة العربية والإسلامية وأن هذا الجهل يؤدي إلى سياسات خاطئة تجاه المنطقة. كان الحديث يتسم بروح تحدٍ واعتزاز بالهوية العربية. .

#### تأملات 

مع تدهور الأوضاع في ليبيا ومقتل القذافي عام 2011، تذكرت تحذيراته من زحف حلف الأطلسي نحو روسيا. كنت أتساءل، هل كانت تصريحاته الجريئة هي ما عجلت بنهايته المأساوية؟ كان القذافي رجلًا يتحدى القوى العظمى بشجاعة، وربما كانت تلك الجرأة هي التي جلبت له العداء والموت العنيف على يد من لم يستطيعوا مواجهته بالكلمات.

ملاحظة:

يمكن للزميل خالد الديب، مراسل الجزيرة السابق الذي أشارت إليه في هذا المنشور، أن يصحح لي أي خطأ، ويمكنه أيضًا تذكيري إن كنت نسيت ذكر أمور مهمة في تدوينتي هذه.
كما فعل حين ذكرني عبر الواتساب بقصة وجود أحمد إبراهيم معنا في خيمة القذافي.
أنتظر كذلك عبر هذا الفضاء ملاحظات أخي الأكبر جمعة بالخير.
 من صفحة محمد عبدالله ممين