جنيف - و م أ:
أكد فخامة رئيس الجمهورية، رئيس الاتحاد الإفريقي، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أن الاتحاد الإفريقي ملتزم بمواصلة وتعميق التعاون المثمر مع منظمة الصحة العالمية، حتى يتمكن الجميع في إفريقيا من الحصول على رعاية صحية جيدة وبأسعار معقولة، مشيدا بما حققته منظمة الصحة العالمية من إنجازات عالميا، وللقارة الإفريقية بشكل خاص، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها والتي من بينها ضعف التمويل.
وأوضح فخامته في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الـ(77) لجمعية الصحة العالمية، اليوم الاثنين بجنيف (سويسرا)، أن نصف سكان القارة الإفريقية، أو ما يقرب من حوالي 672 مليون شخص، لا يحصلون دائما على الرعاية الصحية التي يحتاجونها، معتبرا أن هذه الوضعية غير المقبولة مرتبطة أساسا بضعف البنية التحتية الصحية، ونقص الموظفين الصحيين المؤهلين، وعدم كفاية الوصول إلى اللقاحات والأدوية والمنتجات الطبية عالية الجودة، وبشكل أعم بعدم كفاءة المنظومات الصحية المحلية.
وفيما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الافريقي:
“معالي رئيس الجمعية العامة،
– معالي السيد تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية،
– أصحاب المعالي والسعادة رؤساء الوفود،
– ممثلو المنظمات الشريكة لمنظمة الصحة العالمية،
– السيدات والسادة،
أود في البداية أن أشكر سعادة السيد تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على تفضله بدعوتي للتحدث في حفل الاستقبال رفيع المستوى بمناسبة انعقاد الدورة السابعة والسبعين لجمعية الصحة العالمية تحت شعار: (عالمٌ معبأ من أجل الصحة.. الصحة للجميع).
كما أود أن أهنئه على الجهود المعتبرة والمثيرة للإعجاب التي قامت وتقوم بها منظمة الصحة العالمية، في ظروف صعبة وبتمويل غير كاف في كثير من الأحيان وأقل مما يضمن التغطية الصحية الشاملة.
إن التغطية الصحية الشاملة والفعالة هي وحدها القادرة على ضمان تمتع جميع الناس في كل مكان بحقهم المشروع في الصحة والرفاهية تمتعا كاملا وفقاً للهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة للألفية. وقد أتاح التنسيق الفعال الذي قامت به منظمة الصحة العالمية للجهود العالمية إحراز تقدم نحو تحقيق هذه الأهداف الثلاثة من أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب الجهود التي بذلتها الدول الأعضاء لإعادة هيكلة نظمها الصحية وإصلاح أطرها التشريعية والتنظيمية، ولا سيما التأمين الصحي لديها، من أجل خفض التكاليف الصحية التي يتحملها المرضى، مما حقق بعض النتائج الإيجابية التي لا يمكن إنكارها على نطاق عالمي، ولا سيما في أفريقيا.
فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط العمر المتوقع للنساء الأفريقيات من خمس إلى أربع سنوات ليصل إلى 67 سنة، كما سجل انخفاض كبير في معدل وفيات الأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة، ويجري العمل على القضاء على العديد من الأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال ومرض دودة غينيا والكزاز لدى الأمهات والمواليد.
وعلى الرغم من هذه النتائج، وهي نتائج مشجعة بالتأكيد، إلا أننا مازلنا بعيدين عن تحقيق أهداف أجندة 2030 فيما يتعلق بالصحة والرفاهية. ويكفي أن ننظر إلى حقيقة أن نصف مواطني أفريقيا، أو ما يقرب من (48%)، أي حوالي 672 مليون شخص، لا يحصلون دائما على الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها. وترتبط المحددات الرئيسية لهذا الوضع غير المقبول بضعف البنى التحتية الصحية، ونقص العاملين الصحيين المؤهلين، وعدم توفر فرص الحصول على اللقاحات والأدوية والمنتجات الطبية عالية الجودة، وبشكل عام عدم كفاية أنظمتنا الصحية.
وقد كشفت جائحة (كوفيد-19) التي وضعت هذه الأنظمة على المحك جميع نقاط الضعف في قدرتها على الصمود، فضلاً عن عجزنا الجماعي عن وضع استجابة عالمية منسقة وفعالة للأوبئة.
وهذا الافتقار إلى التنسيق والتضامن وتجميع الموارد وتضافر الجهود في مواجهة جائحة (كوفيد-19) هو ما يدعم اليوم أهمية الجهود المبذولة لوضع ميثاق ملزم قانونًا لحماية جميع مواطني العالم من الجوائح من خلال تعزيز الوقاية والتأهب وتنسيق الاستجابات المطلوبة.
فخلال أزمة (كوفيد-19)، كان أحد التحديات الرئيسة خلال الأزمة هو توفير اللقاحات والانصاف في توزيعها على المرضى، لذلك أصبح من الملح وبشكل متزايد مساعدة البلدان النامية على تعزيز قدرتها على إنتاج اللقاحات والأدوية.
وفي هذا السياق، أود أن أشدد على أهمية المنتدى العالمي للسيادة والابتكار في مجال اللقاحات، الذي يشترك في رئاسته الاتحاد الأفريقي والحكومة الفرنسية، والمقرر عقده في 20 يونيو2024 في باريس.
وسيشهد هذا المنتدى إطلاق فرصة الاستثمار في التحالف العالمي للقاحات والتحصين للفترة 2026-2030، كما سيكون مناسبة لإطلاق وتسريع إنتاج اللقاحات في أفريقيا، وهو عبارة عن آلية مالية مبتكرة صممها التحالف العالمي للقاحات والتحصين، بالتعاون الوثيق مع المراكز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لمساعدة مصنعي اللقاحات في أفريقيا على تنويع إنتاجهم وزيادته .
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
اليوم، ونتيجة للتفاوتات الاجتماعية في الحصول على الخدمات الصحية، فإن ملايين الأسر في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في أفريقيا، إما أنها لا تحصل على الرعاية الصحية التي تحتاجها، أو أنها تحصل عليها بصعوبة بالغة، لذلك نحن بحاجة إلى العمل معاً للحد من هذه التفاوتات بشكل كبير من خلال تسريع وتيرة التقدم نحو التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي، وتعزيز النظم الصحية والاستثمار في البنية التحتية والأدوية والتكنولوجيات الصحية.
ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى زخم عالمي يوحدنا جميعاً حول الصحة للجميع. وفي هذا السياق، يجب علينا أن ندعم منظمة الصحة العالمية بفعالية، وأن نبذل الجهود اللازمة لضمان نجاح دورتها الاستثمارية الجديدة التي تهدف إلى تأمين تمويل مستدام ومرن ومتنوع يمكن التنبؤ به لبرنامج عملها الرابع عشر للفترة 2025-2028.
والواقع أنه من أجل تقديم مساهمة إيجابية وكبيرة في تحقيق أولويات المنظمة ودولها الأعضاء في إطار الهدف الثالث من الأهداف الإنمائية للألفية، سيتطلب تنفيذ برنامج العمل العام الرابع عشر للفترة 2025-2028، في ضوء المساهمات المحددة والموارد الأخرى التي تم تأمينها، تمويلاً طوعياً ومرناً يمكن التنبؤ به بقيمة مليار دولار أمريكي على مدى أربع سنوات.
وأود أن أؤكد هنا أنه، تمشياً مع مذكرة التفاهم التاريخية الموقعة بين الاتحاد الأفريقي ومنظمة الصحة العالمية في 18 نوفمبر 2019، والتي تجسد التزامهما المشترك بتوسيع وتعميق تفاهمهما لدعم الصحة في أفريقيا والعالم، لن ندخر جهداً لضمان نجاح دورة الاستثمار في برنامج العمل العام الرابع عشر لمنظمة الصحة العالمية.
وعلاوة على ذلك، فنحن ملتزمون التزاماً راسخاً بمواصلة وتعميق هذا التعاون المثمر بين الاتحاد الأفريقي ومنظمة الصحة العالمية حتى يتسنى للجميع في أفريقيا وغيرها من الأماكن الحصول على رعاية صحية جيدة وبأسعار معقولة.
وبينما أناشد البلدان الأعضاء في منظمة الصحة العالمية والشركاء بذل الجهود اللازمة لتحقيق الهدف الثالث من الأهداف الإنمائية للألفية، أتمنى كل النجاح لأعمال هذه الدورة السابعة والسبعين لجمعية الصحة العالمية.
وأشكركم جزيل الشكر”.