إني لأغضب للكريم ينوشه
مَن دونه وألوم من لم يغضب
ليس الزعيم أحمد ولد داداه إلا بشرا من الناس لكنه من أمثل من عرفت منهم ولا أُزكي على الله أحدا، ولقد وهبه الله خصالا قلما اجتمعت في أحد فلقد جمع إلى أناقة أهل المدن صفاء وصدق أهل البادية، وإلى انفتاح المثقف إخبات العابد، وإلى حنكة السياسي نقاء المواطن العادي؛ لا يطوي قلبه على غل ولا ينطق لسانه العوراء، متواضع في غير ضعة، لا يُعدي عن جناح مهيض حينما تستثار حفيظته، كثير الصمت إلا عن ذكر الله وتلاوة القرآن كأنما عناه الشاعر بقوله:
وكنت جليس قعقاع ابن شور
ولا يشقى بقعقاع جليس
ضحوك السن إن نطقوا بخير
وعند الشر مطراق عبوس
تعرفه ناشئة الليل وسارية المسجد، كما تعرف أقدامه رؤوس المنابر.
في سنة فارطة وغبَّ مقيل معه ركب معي في سيارتي المتواضعة لحضور اجتماع بمقر تواصل القريب من المدرسة العليا للتعليم وفي المسجد القريب دخلنا لصلاة العصر وعند انقضاء الصلاة جلست في السيارة منتظرا خروجه لإكمال المشوار وكان كل من يمر بي يقول(سيطول انتظارك فالرئيس ليس ممن يتركون مصلاهم بسهولة) وفعلا بقيت جالسا إلى أن رفع أذان المغرب، ولم يحضر الرئيس إلا لجزء يسير من الاجتماع.
اليوم تمد نابتة هذا الفضاء ألسنتها بالسوء لتنال من الرجل لقرار اتخذه غير عابئة بتاريخه الناصع ولا بشيبته ولا بوقاره ولا بسابقته وما أدراك ما السابقة!
لقد واجه الزعيم أحمد ظلم الرجال بصبر الجبال وأطفأ حمم الحماس المتوثب لدى الشباب المكتوي بنار الظلم والتزوير قائلا:
لست مستعدا لإراقة قطرة ماء لمواطن بلْهَ ملء محجم من دم.
لم تأخذه العزة ولا الشعبية بالدفع إلى حرب أهلية وهو المظلوم الأكثر ناصرا وكان بإمكانه أن يملأها على الظالمين خيلا جُردا ورجالا مردا.
وقد كنا نقول في أيامنا الخوالي إن من يريد الحظوة لدى النظام يحتاج خطوة وخطوة؛ أولاهما أن يلتحق بركب الرئيس أحمد ولد داداه وثانيهما أن يسل من ثوبه الثوب ويبرأ منه براءة القائبة من القوب، ليجد نفسه وزيرا أو أمينا عاما، وبهذا تكون للرئيس أحمد منة كبيرة على أغلب متصدري الشأن من الحكومات المتعاقبة من بداية التسعينات إلى يوم الناس هذا
فإن يكُ سيف دولة غير قيس
فمنه جلود قيس والثياب
وتحت ربابه نبتوا وأثوا
وفي أيامه كثروا وطابوا
أجل لقد أصبح رجال الطابور الخامس ممن كانت لهم مهام مع الرئيس أحمد لفترات متعددة في مقدمة صناع القرار في البلد، ولم تستطع الانسحابات المتكررة أن تفت في عضد الرجل الذي يجدد نفسه كطائر الغرنيق الذي ينتفض من رماده كلما أحرقوه.
ومن باب بناء الأمور على مقدماتها فإنه ليس مفاجئا دعم الزعيم أحمد ولد داداه للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فمنذ وصول الأخير للسلطة وجسور التواصل والتفاهم ممتدة بين الرجلين وبين ولد الغزواني وشخصيات أثيرة أخرى من الطيف المعارض، والمواقف السياسية في المحصلة تخضع لسلطة التقدير وليست ضربة لازب، فاربعوا على أنفسكم واحترموا للرجل قناعته.
ولا أُلفين غلاما حدثا لا يعرف كوعه من بوعه من مواليد ما بعد سنوات الجمر ممن يخضع لاقتراح لوحة المفاتيح يكتب:
إن قرار الزعيم أحمد ليس صائبا وهو ردة سياسية عندي:
يقولون هذا عندنا غير جائز
ومن أنتم حتى يكون لكم عند!