إعلانات

بعيدا عن الاهتمام اليومي.. (أغباد) القرآن وحكاية الشعر والخط

أربعاء, 08/05/2024 - 04:11

د. محمدُّ أحظانا

 

لاحظت في السنوات الأخيرة انسلاخا مذهلا من عادات ثقافية مميزة، ورائعة ومفيدة، وهي ترك (أغباد) الموريتاني المتوارث على صحته وجماله وتناسبه مع الذائق العميقة، وقابليته لاحترام قواعد المقرأ وقواعد النطق الأصلية، وهي قراءات ثرة لأنها منطوقة في المقامات الخماسية والسباعية والمؤلفة.

تم استبدال هذا الثراء الأصيل في المقرأ بقراءة مشرقية تقتصر على ثلاثة مقامات سباعية عربية: عجم ونهود ورصد. إنها المقامات التي يقرأ بها المشارقة. هذا باستثناآت قليلة من بينها قراءة إمام الملعب الأولومبي الأصلية والجذابة، وأئمة آخرون قليلون.

أما القراء الشباب فيحاكون  القراء العرب ويتخلون عن أغباد، بصورة لامبرر لها. فالمقصود بتلاؤم القراءة مع الذائقة العامة هو الجاذبية للاستماع للقرآن ومن ثم حفظه وتدبره.

أما الخسارة الذوقية الثانية فهي حكاية بحور الشعر، فقد كان لكل بحرمقام يحكى فيه، مما يعطي جاذبية للحكاية وهي في كل المقامات ممايمكن المتذوق والمبتدئ من تمييز بحر عن بحر من خلال المقام الذي يحكى فيه.. ويغنيه عن التهجي العروضي. والمصيبة أن حناجرنا الصحراىية الجافة الصحلاء لم تتناسب مع نداوة الصوت المشرقي فأصبحت حكاية شعرائنا مجافية للذوق، نابية عن الاستيعاب عند التلقي، مما يذكر حقيقة بحكاية الغراب  وتقليده لمشية عيشه رخمة. وحقيقة،أنه من المثبطات في تلقي الشعر عند إلقائنا له، نشاز الحكاية، فلاهو بحكايةموريتانية تنغيمية، ولاهو بحكاية عربية مشرقية ندية الحناجر.

كما تخلينا عنه الخط المغاربي الموريتاني  وهو خط جميل وأصيل، لصالح الخطوط المشرقية..

وبناء على هذا الواقع المخيف ذوقيا وأدائيا، فإنني أدعو قراءنا إلى استرجاع أغباد الجميل الأصيل، وتسجيله بالتراثا موريتانيا محظري، كما أطلب من الشعراء أن يأخذوا حكاية الشعر التقليدي وإن شاؤوا حدثوا فيها، وعلى أساسها فأغلبهم يضحي بمعانيه الجزلة  وتدفق قريحته على مذبح حكاية قد لاتطاق أحيانا كثيرة، مهما حاول الشعراء تكميلها بالحركات و مد الأيدي فالعبرة بسلاسة النطق، وتناسقه وخضوعه للنسب المستحسنة.

وأدعو اتحاد الأدباء و الكتاب،  و بيت الشعر إلى بذل جهد تعليمي في فن أداء الشعر من منطلق تراثي أصلي يتم تكميله بحشوات حديثة على نحو متناسق، كما أدعو مصالح وزارة الثقافة لتسجيل حكايات الشعر عبر المقامات المويتانية تراثا عالميا. جميلا

كما أدعوالفنانين الخطاطين ومصالح وزارة الثقافة إلى تشجيع تسجيل الخط الموريتاني الصحراوي تراثا موريتانيا ثم عالميا.

كل هذا سيكون إضافة معتبرة لتحسين وإثراء المقرأ وحكاية الشعر، والخط الموريتاني الجميل،.