دبي-الشرق
قالت "بلومبرغ" نقلاً عن مصادر مطلعة، إن الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية تقتربان من اتفاق تاريخي من شأنه أن يوفر ضمانات أمنية للمملكة، وقد يشمل انضمام إسرائيل لاحقاً، في حال أنهت حكومتها الحرب في قطاع غزة، وأقرت مساراً لإقامة دولة فلسطينية، ما يسمح بعلاقات دبلوماسية مع الرياض.
وأضافت، أنه عندما تنتهي الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية من الاتفاق، سيعرض البلدان على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يختار: "إما الانضمام إلى الاتفاق، بما يتبعه من إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع المملكة لأول مرة، وزيادة الاستثمار والتكامل الإقليمي، أو تركه يتخلف عن الركب".
وحسب "بلومبرغ"، فإن هناك تحولاً في المقاربة من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فالاتفاق في صيغته الأصلية، كان صفقة ثلاثية تصوغ علاقات دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، إلى جانب تعزيز الاستثمارات، والتكامل في المنطقة.
والآن، ترى واشنطن والرياض أن إبرام اتفاقية بين البلدين يمثل نقطة ارتكاز لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وستعرض الدولتان على إسرائيل سلسلة من الحوافز الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية، إذا تراجعت عن مخططها لاجتياح رفح وأنهت سريعاً حربها مع حركة حماس.
ويواجه الاتفاق ما يكفي من العقبات، إلا أنه قد يكون بمثابة نسخة جديدة من إطار عمل كان قد جرى إحباطه مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
وتسارعت وتيرة المفاوضات بين واشنطن والرياض في الأسابيع الأخيرة، فيما يشعر مسؤولون كثيرون بالتفاؤل أن بإمكانهم التوصل إلى اتفاق في غضون أسابيع، بحسب ما أفاد أشخاص مطلعون لـ"بلومبرغ"، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشتهم مداولات خاصة.
وقالت "بلومبرغ" إن من شأن اتفاق كهذا أن يؤدي إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، فإلى جانب تعزيز أمن كل من إسرائيل والسعودية، سيدعم الاتفاق أيضاً موقف الولايات المتحدة في المنطقة على حساب إيران، بل والصين أيضاً، وقد يقدم الاتفاق للمملكة ترتيبات قوية تتطلب الحصول أولاً على موافقة مجلس الشيوخ الأميركي، كما يمنح السعودية إمكانية الحصول على أسلحة أميركية متقدمة، كانت بعيدة المنال في وقت سابق.
وتوقعت مصادر "بلومبرغ" أن تحد الرياض من التكنولوجيا الصينية في الشبكات الأكثر حساسية في البلاد "مقابل استثمارات أميركية ضخمة في الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والحصول على مساعدة الولايات المتحدة في بناء برنامج مدني للطاقة النووية في المملكة".
إقامة دولة فلسطينية
ولن تكون الشروط الأساسية أمراً هيناً على نتنياهو، إذ عليه إنهاء حرب غزة والموافقة على مسار لإقامة دولة فلسطينية، فيما تحيط الشكوك بهذا المقترح وقد لا يؤتي ثماره في النهاية، بحسب ما أقر أشخاص مطلعون على الخطط لـ"بلومبرغ".
واعتبرت "بلومبرغ" أن إقناع المشرعين الأميركيين بالموافقة على اتفاق يُلزم الولايات المتحدة بحماية المملكة العربية السعودية عسكرياً، سيكون احتمالاً صعباً بالنسبة للبيت الأبيض، خاصة إذا اختارت إسرائيل عدم الانضمام إلى الاتفاق.
وقال مسؤولون أميركيون، وفق "بلومبرغ"، إن المحادثات جارية، ولكنهم رفضوا الخوض في تفاصيلها، ولم تستجب الحكومة السعودية على الفور لطلب التعليق من الوكالة، كما رفض مكتب نتنياهو التعليق.
الاتفاق "بات وشيكاً للغاية"
وقال بلينكن، الاثنين، خلال زيارة إلى السعودية: "لقد أنجزنا معاً عملاً مكثفاً على مدى الأشهر الماضية"، مضيفاً أن "العمل الذي يضطلع به البلدان معاً فيما يتعلق باتفاقياتنا الخاصة ربما بات قريباً للغاية من الاكتمال"، وفي المناسبة نفسها، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الاتفاق "بات وشيكاً للغاية".
وترى "بلومبرغ" أن جوانب من الصفقة، ستشبه الاتفاقيات التي أبرمتها الولايات المتحدة في الأشهر الماضية مع شركاء إقليميين آخرين، بينهم الإمارات العربية المتحدة. إذ وافقت "G42"، وهي أكبر شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي، على إنهاء تعاونها مع الصين مقابل استثمارات من شركة مايكروسوفت الأميركية، وفي حالة السعودية، التي تتطلع بقوة أيضاً إلى تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات محلياً، قالت الولايات المتحدة إن الرياض لا يمكنها إنجاز ذلك بمساعدة أميركية في حال استمرت في العمل بالتكنولوجيا الصينية.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جدة. 7 يونيو 2023
وقال شخص مطلع على الأمر لـ"بلومبرغ"، إن المملكة بحاجة إلى الموافقة على عدم مواصلة تعاونها في مجال التكنولوجيا المتقدمة مع خصوم الولايات المتحدة، مضيفاً أن السعودية ستتمكن من تحقيق رغبة تراودها منذ زمن في بناء برنامج نووي مدني، وفي المقابل، سيكون بإمكان الولايات المتحدة الوصول إلى اليورانيوم السعودي.
وخلصت "بلومبرغ"، إلى أنه "ربما لم يعد لدى إسرائيل الوقت الكافي للتوصل إلى اتفاق، فالدعم الدولي لموقف نتنياهو ينحسر كلما طال أمد الحرب. وتؤكد استطلاعات الرأي الأميركية الأمر نفسه، حيث يعارض نحو ثلث الجمهوريين في 7 ولايات متأرجحة الدعم المستمر لإسرائيل، مثلما يعارضه 4 من كل 10 ديمقراطيين وناخبين مستقلين، وفقا لاستطلاع رأي حديث".
خطوط عريضة بشأن فلسطين
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أكد الاثنين، أن الرياض وواشنطن قريبتان من التوصل إلى اتفاقات ثنائية، وأن معظم العمل على تلك الاتفاقات أنجز بالفعل، وإن الجانبين لديهما الآن الخطوط العريضة لما تعتقد المملكة أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية.
وبدوره، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى أن البلدين يعملان على اتفاقاتهما الخاصة، وأن تلك الاتفاقات "تقترب من الاكتمال"، ولكنه قال إن المضي قدماً في مسار التطبيع يتطلب "هدوءاً في غزة، ومساراً موثوقاً إلى دولة فلسطينية".
وجاء حديث الوزير السعودي عن الاتفاقات الثنائية، في معرض رده على سؤال بشأن المفاوضات بين البلدين حول اتفاق أمني، خلال جلسة بعنوان "الضغوطات في منطقة الشرق الأوسط"، في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum، في العاصمة السعودية الرياض.
وأشار الأمير فيصل بن فرحان إلى أنه من وجهة نظر الرياض والتي نسقت بشكل وثيق مع الفلسطينيين، فإنه يجب أن يكون هناك طريق حقيقي إلى الدولة الفلسطينية.
وعندما سأله مدير الجلسة الصحافي الأميركي توماس فريدمان: "هذه هي اللغة.. طريق حقيقي إلى الدولة الفلسطينية؟"، رد الوزير السعودي قائلاً: "موثوق ولا رجعة فيه"، في إشارة إلى المسار إلى الدولة الفلسطينية، مشدداً على أن هذه هي "الطريقة الوحيدة التي ستنجح"، ولفت إلى أن كيفية تعريف هذا المسار، وكيف يبدو هي "تفاصيل نحتاج إلى التوصل إليها".