لم يكن تعدد الزوجات شائعا في المجتمعات العربية قبل الإسلام نظرا للنقص الحاد في الإناث بسبب ظاهرة الوأد التي خلفها الخوف من وقوع" الوصية " ضحية ظاهرة السبي.
وقد جاء حكم تعدد الزوجات تكريما للمرأة في نظر معظم من فسروا الآية:
{وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) النساء/2-3.
ذلك أن معظمهم ذهب إلى أنها تحذر الصحابة من الاستخفاف بمهر الوصية اليتيمة التي تقيم معه ثم يتزوجها طمعا في مالها واستغلالا لجمالها ولا يمنحها صداق مثلها فأعطى الله لكل رجل مقابل اليتيمة حق الزواج بأربع غيرها تكريما لها ومنعا لابتزازها….
والواقع أن الآية توسطت آيتين:
الاولى {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}.
ثم الآية {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}. النساء/2-3.
ومن الواضح أن الآية الثانية من سورة النساء قدمت حكم مال اليتيم والثالثة قدمت حكم النهي عن الاستخفاف بيتامى النساء وقدمت بدل كل يتيمة أربعا من غير اليتيمات لأنهن لديهن من الرجال من يصون كرامتهن أما اليتيمات فقد تولى الله عز وجل حمايتهن من ابتزاز الرجل.
الغريب أن من يتحدثون عن التعدد توقا لا يربطونه بالآية الثانية في سورة النساء التي تتحدث بِمقتٍ عن أكل مال اليتيم.
ولكن الحديث يتم عن الآية الثالثة وإن خفتم في إخرَاج لها عن سياقها الزاجِر!
والاغرب أنهم يتقاصرون عن ذكر الآية الرابعة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.
كما يندر أن تسمع من يردد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط".
وهذا الحديث لا يرد أبدا على لسان أي من الخطباء والوعاظ إلا على سبيل النوادر.