إعلانات

نقاش استغلال أثرياء للإعلام وخيرات أفريقيا

أحد, 13/11/2022 - 04:08

 

حنونة (يمين) وجه شتائم لاذعة للنائب لويس بويار (الفرنسية)

 

 

 

"أيها الأحمق"، "أغلق فمك"، "ارحل من هنا"، "أنت إنسان مريض"، "أنت أخرق".. كانت تلك بعض الشتائم اللاذعة التي وجهها الإعلامي الفرنسي سيغيل حنونة للنائب عن حزب "فرنسا الأبية" لويس بويار خلال لقاء تلفزيوني مباشر، وهي الشتائم التي أثارت ضجة كبرى في فرنسا، وأعادت موضوع تدخل المليارديرات في وسائل الإعلام واستغلال كبريات الشركات الفرنسية خيرات أفريقيا إلى واجهة النقاش العام من جديد.

وحظيت الواقعة بتغطية إعلامية واسعة، وأثيرت نقاشات ساخنة حول دور أباطرة الاقتصاد الفرنسي في نهب خيرات الدول الأفريقية، الذين يرفضون أي نقاش بشأن هذا الأمر في أي وسيلة إعلامية، كما أكد محللون أن تلك الشتائم غير المسبوقة في تاريخ الإعلام الفرنسي توضح مدى توغل اليمين المتطرف في الإعلام.

 

لا تنتقد "الإمبراطور"

بدأت الحكاية عندما استضاف الإعلامي الفرنسي حنونة -الخميس الماضي- النائب الفرنسي عن حزب فرنسا الأبية، لويس بويار، للحديث عن موضوع الهجرة، وبمجرد أن انتقد الأخير إمبراطور الاقتصاد والإعلام الفرنسي فانسون بويوري (Vincent Bolloré)، مالك القناة التي يعمل فيها حنونة، انفجر في وجهه الإعلامي الفرنسي، ووجه له سبابا وشتائم بالجملة وبألفاظ خارجة، قبل أن يضطر النائب الفرنسي للخروج من استوديو التصوير تحت وقع صيحات الجمهور الحاضر.

وقال حنونة للنائب "أنا لا أبصق في اليد التي تطعمني"، في حين حاول النائب البرلماني التشبث بحقه في التعبير، وظل يصرخ بضرورة احترام حقه في التعبير عن رأيه وانتقاد بويوري.

 

غضب

ونقلت صحيفة "ميديابارت" (Mediapart) عن ماتيلد بانو -رئيسة الفريق النيابي لحزب فرنسا الأبية- قولها إنه لا يمكن لأحد أن يتجرأ ويشتم نائبا برلمانيا ويطالبه بإغلاق فمه. وأكدت الصحيفة أن بانو قدمت شكوى للهيئة المشرفة على مراقبة وسائل الإعلام، مطالبة بفرض احترام الحريات الأساسية في البلاد.

كما نقلت الصحيفة عن الكاتب الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفيي فور انتقاده للإعلامي حنونة ووصفه بـ"نجم بويوري"، وعلق على ما جرى بقوله "كل شيء يشترى بما في ذلك ضمير الإنسان، إنها قناة تخلق الراغبين في الشهرة".

وقالت ميديابارت إن عدة أشخاص -في المقابل- رأوا في تدخل حنونة ضرورة، لأنه لا يجوز ترك المجال للخصوم للسيطرة على النقاش خلال برنامج تلفزيوني مباشر، كما كانت فرصة للمذيع لإثبات ولائه لرئيسه الملياردير.

وقالت الصحيفة إن الصراع والشتائم التي وجهت للنائب الفرنسي أثارت نقاشا داخل الأوساط السياسية مجددا حول المشاركة في "برامج ترفيهية موجهة" توصف بأنها موالية لليمين المتطرف، بين من يرى أنها لا تجوز لأنها تسيء إلى سمعة الأحزاب وللعمل السياسي الجاد، ومن يرى فيها "علقما" لابد من تجرعه، للوصول إلى فئات معينة من الجماهير تستقطبها مثل تلك البرامج.

 

خيرات أفريقيا

من جهتها، أكدت مجلة "لوبس" (L’Obs) أن ما تعرض له النائب لويس بويار من شتائم لاذعة وهجوم غير مسبوق جاء لأنه تجرأ على تحميل مسؤولية ارتكاب جرائم اقتصادية وبيئية في أفريقيا لمجموعات اقتصادية فرنسية كبرى، بينها "مجموعة بويوري" (Groupe Bolloré) التي تمتلك قناة "سي 8" (C8) التي تبث برنامج سيغيل حنونة.

وقالت الصحيفة إن الجميع يجب أن يتحرك لمواجهة الإهانة البالغة التي تعرض لها نائب برلماني، وذكرت أن المدعي العام بنفسه يجب أن يتابع هذا الملف، خاصة أن القانون الفرنسي يعاقب على مثل هذا التجاوز بعقوبات قد تصل إلى السجن لمدة سنة، إلى جانب غرامة قدرها 15 ألف يورو.

وذكرت مجلة لوبس أن الواقعة كشفت الغطاء عن سلطة رأس المال الذي يشرف على أنشطة اقتصادية مشبوهة في دول أفريقية تعاني أصلا تراجعا في نسبة النمو، وارتفاعا في نسبة التضخم، وجفافا حادا مستمرا، علما بأن القارة السمراء تحتضن أكثر من نصف السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر (بدخل أقل من دولارين في اليوم).

وتساءلت الصحيفة عن أولويات كبريات الشركات الغربية -والفرنسية تحديدا- في أفريقيا، وقالت إن هذا السؤال مهم للغاية ليس فقط لأنه مرتبط بصورة فرنسا أمام العالم، ولكن لأن المشاكل التي تعانيها أفريقيا تؤثر بشكل مباشر على فرنسا والبلدان الغربية، ولذلك يجب الاهتمام بإيجاد أجوبة متكاملة لذلك السؤال، في إطار شراكة واضحة متوازنة مع الدول الأفريقية.

 

مجموعة بويوري

وقالت الصحيفة إن مجموعة بويوري -على سبيل المثال- حققت أرباحا هائلة من استثماراتها في 46 بلدا أفريقيا، مؤكدة أن هذه المجموعة متورطة في تجارة استغلال الغابات وصناعة الأخشاب في أفريقيا.

وكشفت الصحيفة الفرنسية عن أن هذه المجموعة الكبرى هي موضوع عدة متابعات قضائية، بينها قضيتا فساد في ملف الفوز بإدارة بعض الموانئ، تورط فيهما رئيسان اثنان.

وأوضحت لوبس أن العديد من الأسئلة حول مجموعة بويوري تنتظر أجوبة، بينها طبيعة استثماراتها في الدول الأفريقية، وتكلفة تلك المشاريع بتلك الدول، وهل استفادت الدول الأفريقية منها، إلى جانب سؤال مهم حول ثراء فانسون بويوري نفسه، وهل تحقق ثراؤه على حساب إفقار الدول الأفريقية المعنية عوض المساهمة في تنميتها؟

وقالت ميديابارت من جهتها إن النائب لويس بويار أعلن أنه سيعقد الاثنين ندوة صحفية داخل الجمعية الوطنية (البرلمان)، سيدعو فيها لإنشاء لجنة تقصي برلمانية تحقق في مدى تدخل فانسون بويوري في وسائل الإعلام التي يمتلكها.

ويسعى برلمانيون في فرنسا لمناقشة مشروع قانون يحدد تدخل المساهمين في رأس المال في وسائل الإعلام الكبرى، ويمنع كل احتكار داخل مثل تلك المؤسسات.

المصدر : لوبس + ميديابارت