إعلانات

وفاة الفنانة مها أبو عوف.. رحلت بخفة وضحكة حزينة بعد معاناة مع السرطان

خميس, 06/01/2022 - 19:35

 

 

عبد الله فرج

رحلت في ساعات مبكرة من صباح اليوم الخميس الفنانة المصرية مها أبو عوف، عن 65 عاما، بعد معاناة مع مرض السرطان.

لم تفصح أبو عوف عن تفاصيل مرضها في الفترة الماضية، واستمرت في تقديم أعمال فنية في الدراما والسينما المصرية، ولم تقحم نفسها في خلافات فنية طوال سنوات عملها في الوسط الفني، وهو ما جعل رحيلها الهادئ صدمة كبيرة لجمهورها ولأصدقائها من الفنانين.

 

حياة ممتلئة بالأحزان

العيون كانت تملؤها الفرحة، والابتسامة التي انطبعت على وجه مها أبو عوف كانت جميلة وهي تجلس إلى يمين المأذون، الجالس بدوره إلى يمين الزوج، الشاب الثلاثيني الناجح، والموسيقار الموهوب والشهير عمر خورشيد، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلًا إذ رحل الزوج الشاب في حادث سيارة غامض بعد أشهر قليلة من إتمام الزفاف. بطبيعة الحال يحلّ الحزن وبطبيعة الحال يتضاءل لتعود الابتسامة أو شبح الابتسامة من جديد إلى وجه الشابة مها التي عايشت الأشباح كما عايشت الأفراح والأحزان.

 

ولدت مها وعاشت في كنف عائلة مُحبّة، أم أرستقراطية وأب يجمع بين حب الموسيقى وممارستها، وصرامة الحياة العسكرية التي انتمى إليها بحكم دراسته العسكرية وحياته المهنية بعد ذلك. ولدت مها في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1956 بعد نحو 3 أسابيع من نهاية العدوان الثلاثي على مصر، الذي شنّته فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وكانت مرحلة دقيقة على الصعيدين السياسي والاجتماعي استدعت استنفارا شعبيا، وكان أبوها الضابط أحمد شفيق أبو عوف يتولى حينئذ قيادة ما عُرف بجيش التحرير الوطني بشمال القاهرة.

طفولة ومراهقة بجوار الأشباح

لكن حياتها مع أسرتها لم تخلُ من طرافة وغرابة في الوقت نفسه، فقد سكنت العائلة المكونة من 7 أفراد في فيلا شهدت جريمة قتل، وحوت بين جدرانها روح القتيل سلفاتور شيكوريل التي ظلّت تهيم بين غُرف البيت الكبير تتلاعب مع سكانه الجدد، وتساعدهم وفقا لما روته مها نفسها، وحسب ما روى أخوها الأكبر عزت أبو عوف. كانت الأسرة تشهد ظواهر ومشاهد غير طبيعية لكن فُرض عليهم العيش في المنزل انصياعا لأمر كبيرهم العسكري الصارم، وربما كانت هذه التجربة سببا في تشكل خفة ظلهم التي واجهوا بها الحياة في ما بعد.

 

زواج لم يدم طويلا

من المعلوم أن زيجات الفنان عمر خورشيد لم تدم طويلا، إذ دامت أطول مدة زواج له عامين فقط، بالفنانة ميرفت أمين، لكن زواجه بمها أبو عوف لم يدم طويلا لسبب آخر.

في مطلع عام 1981 تزوج الموسيقار وعازف الغيتار الشهير عمر خورشيد بمها أبو عوف، أخت صديقه التي تصغره بنحو 11 عاما، بعد قصة حب طويلة دامت أكثر من شهور زواجهما المعدودة، ونظرا لفارق السن كان قرار الزواج يواجه اعتراضا من الأخ الأكبر عزت، لكن تحت ضغط إصرارهما تزوج عمر ومها، لتتحقق فرحة كبيرة يمكن ملاحظتها تملأ ابتساماتهما في صورهما.

عقد قران مها أبو عوف وعمر خورشيد (مواقع التواصل الاجتماعي)

لكن هذه الفرحة لم تكتمل، فبعد شهور قليلة من الزواج تعرض خورشيد لحادث سيارة لا يزال يوصف بـ"الغامض" وتوفي في نهاية مايو/أيار 1981، حينئذ كانت مها تحمل جنينها بالشهر الرابع لكنها تعرضت للإجهاض، لتنتهي سعادتها دون أثر يُذكر من رائحة الحبيب الراحل.

مها أبو عوف وعمر خورشيد (مواقع التواصل الاجتماعي)

"فور إم".. أغان شرقية بلمسة غربية

بعد وفاة زوجها، غابت مها قليلا عن فرقة "فور إم" (4M) التي أسستها مع إخوتها عام 1979، لكنها اختارت الغناء بحثا عن بهجة غائبة، لتعود إلى الفرقة التي برعت في تقديم أغنيات شرقية بلمسات غربية، مزيج غريب ليس فقط في الكلمات العربية مع الآلات الغربية، بل في الإيقاع والأفكار أيضا.

 

النموذج الأبرز لتلك الأعمال نجده في كليب "الولة ده" (هذا الولد)، حيث 4 شابات تخرجن في الجامعة الأميركية بالقاهرة، ترتدي كل منهن الملاية اللف والمنديل الملون المميز لزي الفتيات في المناطق الشعبية القاهرية والإسكندرانية، يغنّين على لحن شرقي تؤديه آلات الكيبورد والغيتار الغربي؛ في مشروع موسيقي هدفه البهجة والتسلية، في أغنيات كتبها الشاعر حسن أبو عتمان شريك عدوية في مشروعه للغناء الشعبي، مع الآلات الغربية نفسها وأسلوب يحاكي أسلوب الفرق الموسيقية الغربية آنذاك.

 

معجزة تحقق حلم الأمومة

"الإحباط مش من شخصيتي، الحمد لله"، هكذا وصفت مها نفسها في لقائها مع الإعلامي المصري وائل الإبراشي حين سألها عن تجربتها مع التأخر في الإنجاب، فبعد إجهاضها الأول، حاولت مها مع زوجها الثاني الإنجاب لكن محاولاتها لم تكلّل بالنجاح على مدار 15 عاما من المحاولة وتجربة العلاجات داخل مصر وخارجها.

أيقنت الشابة الصغيرة أن الله لم يكتب لها الإنجاب الآن فآمنت بمشيئة الله، حتى حدث ما وصفه الأطباء بـ"المستحيل"، فقد أنجبت ابنها الوحيد شريف وهي بعمر 39 عاما بعد انتظار دام طويلا، لكن ما حدث هو أمر الله "كن فيكون"، حسب وصفها في اللقاء ذاته.

 

خفّة ظل ضرورية لتقبل الحياة

وطوال كل تلك المراحل التي مرّت بها، كان لمها من خفة الظل ما ساعدها على مواجهة التقلبات، فقد أسست مع إخوتها فرقة "فور إم" التي ملأت أغنياتها الخفيفة الراقصة أندية شباب الطبقة الوسطى في الثمانينيات حتى مطلع التسعينيات بصوتها الخفيف وابتسامتها الشابة، كما شاركت في العديد من الأفلام والأعمال الدرامية، التي أدت فيها أدوار الأم اللطيفة الطيبة بابتسامتها الوديعة.

 

كما حملت قدرا كبيرا من الإيمان بقضاء الله ساعدها على أن تحكي ما شهدته وما مرت به بكثير من السخرية والضحك من الموقف وكثير من الحمد لله على ما يجري وما كان، لترحل صباح اليوم الخميس بعد صراع مع السرطان، عن عمر 65 عاما قضت ثلثيه تقريبا تقدم الفن والبهجة للجمهور، وتمارس الصبر والأمل والانتظار لتحقيق حلم الأمومة الذي آمنت به.

المصدر : مواقع إلكترونية