إعلانات

وزير الثقافة: المعرفة والثقافة أولويات في استراتيجيات بلادنا

سبت, 13/11/2021 - 21:36

باريس - و م أ:

 

أوضح معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد المختار ولد داهي، أن موريتانيا من البلدان التي تدين للعلم والثقافة بالوجود، فقبل مئات السنين، كانت بعثاتها العلمية تجوب كل أصقاع المعمورة، وأصبحت النسبة إلى "شنقيط" تكفي للدلالة على التبحر العلمي، وفي شتى أجناس المعرفة المتاحة وقتها.

وأضاف في خطاب ألقاه اليوم السبت أمام الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي تحتضنها العاصمة الفرنسية باريس، أن صيت علماء شنقيط آنذاك تجاوز الفضاء الأفريقي والعربي والمشرقي، إلى الفضاء العالمي، فكل المهتمين بهذا المجال يعرفون جيدا إسهامات العلماء الشناقطة الذين كانوا سفراء للبلد قبل قيام الدولة الحديثة.

وقال إنه ونتيجة لهذا الواقع كانت المعرفة والثقافة دوما إحدى الأولويات في أهداف بلادنا وفي استراتيجياتها، تماما مثل التنمية والحرية والديمقراطية، مشيرا إلى وجود قناعة راسخة بأن دور السلطة (أي سلطة) هو السعي إلى خدمة الإنسان، لتحقيق رقيه وحريته وثقافته ومعرفته وعلمه.

وذكر بأن موريتانيا مثلت دائما قناة تواصل وتلاق بين حضارات وشعوب شواطئ المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وضفاف وأحواض غرب إفريقيا، حيث خلق هذا المعطى التاريخي الجغرافي وعيا باكرا بالانفتاح الثقافي.

وأشار إلى أن مساهمة بلادنا في الفعل الحضاري، وأخذها للعطاء الثقافي، شكل حضارة أساسها قبول الآخر واحترامه والتعاطي معه، حيث كانت بلادنا دائما محل ثقة كل الجيران والشركاء، وكانت ظهيرا ونصيرا للحق والحقيقة، لا تدفعها المصالح ولا الأغراض لتبني المواقف، وإنما العدل والإنصاف فقط، منبها إلى أن ذلك يشهد عليه كل تاريخنا الحديث، وكل مواقفنا المسجلة، حيث لم تكن بوصلتنا غير قيم العدل والمحبة والتسامح والسلام.

وأوضح معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، أن موريتانيا مقتنعة كل الاقتناع أن الثقافة هي العصا السحرية، لحل مشكل الإنسان كله، لذلك تعمل من خلال استراتيجية ثقافية قائمة على أسس صلبة واعية تهتم ببناء الإنسان الكفء المستعد للاضطلاع بمسؤوليته كاملة في إدارة وخدمة الثقافة، والتعاطي مع الشركاء الثقافيين، وتنظيم الأنشطة والفعاليات الثقافية وفنون الأداء في مجالات الأدب والفنون الجميلة والتراث، والفعاليات الثقافية الكبرى، مثل استضافة العواصم الثقافية العربية والأفريقية والإسلامية والعالمية، وتنظيم المعارض الدولية، والمهرجانات المتخصصة في مجالات الثقافة والتراث.

وأضاف أن من ضمن الأسس التي تقوم عليها استراتيجية بلادنا الثقافية أيضا إنشاء بنية تحتية ثقافية صلبة، مثل قصر الثقافة، والنصب الثقافي الكبير، إضافة إلى إنشاء مركبات ثقافية في كل المدن الكبرى، مشيرا إلى أن بلادنا عازمة ومن خلال دراسات فنية على ترميم ما يحتاج الترميم من تراثنا المادي، وصيانة ما يحتاج الصيانة منه، وتثمينه كله، بل وصيانة وتثمين تراثنا اللامادي أيضا.

وقال إن بلادنا باتت تعيش فضاء سياسيا أريحيا، تمارس فيه المعارضة -بمنتهى الحرية- دورها الطبيعي، وتتمايز فيه السلط، فأخذت السلطة التشريعية دورها غير منقوص، تناقش القوانين والتشريعات انطلاقا من قناعات أعضائها، فترفض وتعدل وتقبل وفق تقديرات وقراءات أعضائها، تماما مثلما أصبحت السلطة القضائية تكيف قضاياها وملفاتها تبعا للنصوص القانونية واجتهادات القضاة، ولم يعد الجهاز التنفيذي يتحرك خارج الإطار المرسوم له دستوريا وقانونيا.

وأضاف أن السلطة الرابعة (الصحافة) تمارس اليوم كامل حريتها، مع الوفير من الدعم المادي والمعنوي، فلا أحد اليوم في موريتانيا يساءل أو يحاكم أو يستجوب بسبب رأيه، مشيرا إلى أن بلادنا حررت الفضاء السمعي البصري، وسنت قوانين حماية الصحفيين، وهي تفعل ذلك قناعة منها أن حرية التعبير هي الطريق الأسلك والأقصر إلى الديمقراطية والتنمية، وهما الهدف الأسمى الذي تتشبث به دائما وتسعى إليه.

وأوضح معالي الوزير أن بلادنا شرعت في تشخيص علمي دقيق لواقع التعليم، شارك فيه العديد من الخبراء والمختصين، وتوج -في الفترة الأخيرة– بتنظيم أيام تشاورية طبعتها الدقة والصراحة والصرامة، وسيشرع فورا في تنفيذ مخرجاتها.

وأضاف أن موريتانيا توفر لهذا القطاع الحيوي والأساسي موارد وطاقات هامة، ستكون كفيلة ببناء المدارس والمعاهد والجامعات، وتكوين الإطار البشري الكفء، القادر على تأدية رسالته المقدسة، وتقديم المناهج والمقررات المتماشية مع السياق الزمني المعرفي وإملاءات التنمية، مشيرا إلى أن بلادنا فخورة بأنها تتقاطع مع منظمة "اليونسكو" في الكثير من الاستراتيجيات والأهداف، القائمة على خدمة الإنسان، خدمة معارفه، وخدمة ثقافته وخدمة تراثه.

وبين الناطق باسم الحكومة، أن نظامنا السياسي يتبنى اليوم استراتيجية واعية وواضحة، تقوم على أساس مواجهة الهشاشة والفوارق الطبقية والاقتصادية بين المواطنين، وقد عبأ لذلك الوفير من الطاقات والموارد، كما وضع لها طرقا ومسالك شتى، فمن تطوير البنية التحتية، وتعزيز منظومة الشغل، وتوفير الضمان الصحي والاجتماعي، إلى توزيع المخصصات المالية المنتظمة، وتوزيع القطع الأرضية المهيأة للسكن، مشيرا إلى أن ذلك تم وفق دراسات موضوعية ومعيارية، وهو ما شهد كل المراقبين والملاحظين به.

وأضاف أن الشباب مثل، ونتيجة لاعتبارات موضوعية، مربط الفرس في السياسة التنموية، فتم تعزيز التعليم الفني والمهني، كما تمت مأسسة "المشاريع الصغرى" لتفتح آفاقا جديدة تشغيلية للشباب، فتم منحهم التمويل والتكوين اللازمين، من خلال وزارة مستقلة خاصة بهذا المجال.

وأشار معالي الوزير إلى أن منظمة "اليونسكو" تنتصب شاهدا حيا على رغبة الإنسان وإرادته في تعزيز قيم الخير الجامعة، قيم التربية والثقافة والعلم، مشيرا إلى إنها تشكل خلاصة صريحة وصادقة للتاريخ البشري بأكمله مؤداها أنه بالإرث الفكري لرجال ونساء بنيت ورسخت وتطورت الحضارة البشرية.