إعلانات

ولد السيد يدون عن كتاب "مذكرات امرأة قارئة" لمكفولة بنت آكاط

أحد, 11/04/2021 - 01:16

 

أ. د. عبد الله السيد (*)

أتيح لي أن أقرأ كتاب: "مذكرات امرأة قارئة" لأستاذة التاريخ معالي الوزيرة مكفولة حمادي آكاط، كما تشرفت بحضور الندوة التي رافقت توقيعه منذ أسابيع، وفيها قدمت في ٥ دقائق انطباع القراءة الأولى له.
وبقي في نفسي أن أدون عنه، وفق شروط وأعراف هذا الفضاء؛ حيث تغني الومضة العجلى عن الوقفة المتأنية، وتفرض إكراهات لوحة المفاتيح كثرة أخطاء الصحيف. وسيكون ذلك من خلال النقاط التالية:
أولا: صدر الكتاب في طبعته الأولى هذه السنة (2021) عن دار نور للطباعة والنشر بالأردن في 360 صفحة من الحجم المتوسط (18/24 سم)، وتوزعه 28 عنوانا غير خطاب المقدمات الذي استغرق 5 صفحات: 2  للدكتور رضوان السيد، وواحدة للدكتور ناجي محمد الإمام، وأخرى للدكتور محمد الرميحي، وكذلك أخرى للكاتبة.
وقد تخلل مضمون الكتاب استعراض 120 عنوانا استعراضا غير تقليدي، غلب عليها جنس الرواية الذي يبدو أن الكاتبة ألفت مناغاته منذ نعومة أظافرها، وإن لم تغب الدراسات الفكرية، ولا الأعمال التراثية الضخمة. وبالإضافة إلى العناوين المذكورة هناك أشعار وأفكار ذكر أصحابها، ونصوصها دون ذكر مصادرها، وكتب وكتاب ذكروا عرضا من غير الوقوف على أعمال محددة لهم، أو تم ذكر تلك الأعمال وتثمينها دون عرض شيء من مضمونها.
ثانيا: قد يبدو من عنوان الكتاب أنه تقديم أعمال وسيرة قراءة، لكن حقيقته عكس ذلك؛ إذ يبدو مضمونه محاجة شاملة للواقع بأبعاده المختلفة السياسية، والاجتماعية، والدينية، والثقافية... محاجة تظهر فيها الكاتبة جرأة نادرة في مختلف القضايا والمواقف؛ بحيث يخيل إلى القارئ، أحيانا، أن هدوء العنوان مجرد كيد عظيم لإخفاء نقد قوي؛ يراد منه رج كيان اجتماعي صيغ صياغة لا ترضاها الكاتبة.
ثالثا: زمن تأليف الكتاب ثلاث سنوات تقريبا، لكن زمن القراءة والذكريات والمواقف هو قصة "امرأة قارئة"، عاشت بين القرية والمدينة، وفي كل الظروف والمناسبات؛ الأمر الذي أعطى للكتاب حبكة سردية متماسكة، وغير مملة، استفادت فيها الكاتبة عمليا من تقنيات السرد الفني، وآليات بناء الكتابة التاريخية، ومن تحليل المفكرين، وجرأة الثوريين، وهموم كتاب ما بعد الحداثة في احتلال المرأة مكانتها اللائقة بها في الثقافة والمجتمع.
رابعا: يبدو لي أن هذا الكتاب يستحق القراءة والإشادة؛ من حيث قدرته على نقد البنيات الاجتماعية، والسياسية، والدينية الراهنة، أثناء سرد قراءة أعمال ونصوص لا يبدو، للوهلة الأولى، أن لها صلة بهذه البنيات؛ وبذلك استطاع جمع النص بالواقع، والمآخاة بين أجناس أدبية شتى، وطرق في الكتابة متباينة؛ مبرزا عمليا ضعف مقولة التخصص، والحدود بين مجالات المعرفة الإنسانية. كل ذلك بأسلوب رفيع، ولغة سليمة، باستثاء بعض الأخطاء المطبعية القليلة.
لذلك أهنئ الكاتبة مكفولة آكاط، والمرأة الموريتانية، والقارئ عموما بهذا العمل الرفيع؛ راجيا أن يجد وقفات أكثر تأنيا من هذه، وأن تتلوه أعمال أخرى تنير للأجيال واقعهم، وترسي سننا في التأليف؛ يشرح ظواهر هذا الواقع بغية النهوض بها.

____

 

(*) مثقف وأكاديمي موريتاني كبير ومدير بيت الشعر في نواكشوط