إعلانات

حكم التوسل بالصالحين والاستغاثة بهم

أحد, 02/08/2020 - 18:38

محمد الأمين السملالي (*)

 

 · 

التوسل بالصالحين والاستغاثة بهم؛ إن صدرا من مسلم يعتقد وحدانية الله، فهما من بابٍ واحدٍ؛ وهو التشفعُ بمكانتهم عند الله؛ لأن "اعتقاد المسلم وتوحيدَه لله" يُعدُّ قرينةً صارفةً عن معنى الشرك.. فيتحول المعنى من الحقيقة إلى المجاز.

ويورد البلاغيون مثالا لذلك قول الشاعر:

أشاب الصغيرَ وأفنى الكبيرَ

كَرُّ الغداةِ ومَرُّ العشيِّ

قالوا: إن كان قائلها مسلما فهي من المجاز، لأن المؤمن يعتقد أن الفاعل الحقيقي لكل ذلك هو الله.

وإن كان القائل مشركاً، فهي من باب الحقيقة.

وعلى ذلك يتنزل حديث الإمام مسلم عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله ﷺ ومن أهل الصُّفة، قال: كنت أبيت مع رسول الله ﷺ فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال: "سلني"، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود.

فسؤال الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم هنا، لا شك أنه من باب التوسل فقط.

ولذلك نقل عن كثير من أئمة الإسلام ألفاظ من الاستغاثة، لا يمكن اتهامهم فيها بالاعتقاد في غير الله.. لأن فضلهم وصلاحهم يمنع من ذلك.

فمنها عن الإمام أحمد ما رواه عنه ابنه عبد الله في مسائله، قال: سمعت أبي يقول: “حججتُ خمس حجج ...، فضللت الطريق في حجّة، وكنت ماشيًا، فجعلت أقول: يا عباد الله، دلونا على الطريق! فلم أزل أقول ذلك حتى وقعتُ على الطريق”.

وقال الإمام النووي في الأذكار -بعد أن روى حديثا في الموضوع-: قلت وحكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت دابته، أظنها بغلةً، وكان يعرف هذا الحديث، فقاله؛ فحبسها الله عليه في الحال. وكنتُ أنا مرةً مع جماعةٍ فانفلتتْ معنا بهيمةٌ فعجزوا عنها فقلته؛ فوقفت في الحال بغير سبب.

وفي المرفقات أدناه جزء من قصيدة للإمام السفاريني الحنبلي صاحب العقيدة المشهورة (المطبوع).

وجزء أيضا من مديحية للإمام ابن حجر العسقلاني، أمير المؤمنين في الحديث (المخطوط).

لا أرغب عادةً في تناول هذه الخلافيات على الفضاءات المفتوحة.. ولكن المراد من المنشور عدمُ التسرع إلى اتهام المؤمنين في عقيدتهم، ما دامت هناك مندوحة.

 

___

(*) عالم شاب ومثقف وشاعر وخطاط موريتاني.