إعلانات

شكرا فخامة الرئيس... ونريد المزيد / أ.د. عبد الله السيد

خميس, 26/03/2020 - 16:59

أ.د. عبد الله السيد (*)

 

تعلم ، بكل تأكيد، فخامة الرئيس أن مجتمعات ما قبل كورونا ربوية؛ طموحها الأول الزيادة دوما... زيادة الرواتب، والقروض، والدور، والامتيازات، والنفوذ... بذلك استهانت بالإنسان، وتركته فريسة جشع المرابين، فصنعوا كل وسائل الدمار والسيطرة، وهم اليوم عاجزون عن التصدي لأضعف أنواع الفيروسات.
تعرف، بكل تأكيد، وأنت تخاطب شعبك نقاط ضعفه... فنخبه من العلماء والأئمة لم يتفقوا على فتوى بخصوص الجماعة والجمعة، وبعضهم، باسم الإيمان، يرفض فكرة العدوى، ويراها مخالفة لصريح النصوص... ونخبه من المثقفين والمؤرخين يتبادلون "نبوءة" "سالقويه"، ويرونها حقيقة، يجتهدون في توزيعها يمنة ويسرة... وإعلاميوه لا يفرقون بين الخبر والشائعة... وعامته يعتقدون أنه بمجرد "حرق شعرات"، أو "شربها" سينتهي الوباء... وحدث عن العجب العجاب في سلوك تجاره إذا ما حمي الوطيس وبانت بشائر الربح والزيادة في الاحتكار لسحق الضعفاء والفقراء.
تعلم كل ذلك بلا شك فالسلاطين، غيرالمنتخبين، آذانهم  طويلة وأعينهم بصيرة، أما أنت فقد استطعت التأليف بين كل الفقرقاء، والاستماع لكل الآراء؛ لذلك تمتلك السمع والبصر الكافيين لإدارة الأزمات والمحن...
 لا بد أنك تدرك، فخامة الرئيس، نقاط ضعف مجتمعك؛ فلا تؤخر عمل اليوم إلى الغد... أعلنها حالة طوارئ عامة توزع فيها الأحياء والمدن والقرى تحت حراسة الجيش وقوات الأمن، ويفرض فيها تنفيذ التعليمات بصرامة، ومراقبة الأسواق بدقة، هيئ الظروف والخطط لأسوء الاحتمالات، ووجهك إلى الله واثقا به، ولسانك رطبا بالدعاء: "لا قدر الله"...
  تدرك لا شك أن عالم ما بعد كورونا ليس عالم ما قبله؛ لذلك عليك الفكير في تغيير الخطط والدراسات للمستقبل القريب والمتوسط والبعيد... أجل يمكنكم أن تفكروا في حجز بنود الاستثمار من الميزانية الحالية، ونقص بنود التسيير، وتوقيف بند بدل السفر، ودمج بعض القطاعات، والتخلص من بعضها، والتقشف في الاستهلاك العام لتكون لديكم موارد تعطيكم نفسا طويلا لتحمل الركود الاقتصادي لما بعد كورونا.
وبدل أن تفكروا مستقبلا في القروض الخارجية فكروا في التمويل الذاتي، والرقابة الصارمة، وتدخل الدولة في كل صغيرة وكبيرة، وتقييم القطاع الخاص تقييما موضوعيا؛ يتجاوز ما كان سائدا من استغلال النفوذ استغلالا؛ بموجبه تمنح الدولة امتيازاتها، ويتحايل مسؤولوها مع شخص فقير ليصبح "رجل أعمال" من مال الشعب، ثم يتحول إلى محتكر فاسد مفسد، ويشار إليه لاحقا بالقطاع الخاص!

 

____

 

(*) مثقف وأكاديمي موريتاني كبير ومدير بيت الشعر في نواكشوط