إعلانات

ولد لبّات للاندبندنت: لا خوف على السودان ما دام قد حكّم لغة العقل ونبذ الخلاف

ثلاثاء, 23/07/2019 - 18:31

محمد الحسن ولد لبات يحاول مسك العصا من الوسط في إدارته هذا الملف الشائك

 

عبدالله ممين  

المصدر: "اندبندنت عربية" 

يواصل مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان محمد الحسن ولد لبات لقاءاته ومشاوراته مع أطراف الأزمة السودانية، وتكلّلت مساعيه حتى الآن، بحسب السودانيين، في رعايته اتفاق شراكة سياسياً يراد منه أن يؤسس لتقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين، خلال الفترة الانتقالية.

لا غالب ولا مغلوب

وتسعى قوى الحرية والتغيير اللاعب الأبرز في الحراك السوداني الحالي إلى أن تنتهي هذه المرحلة بتنظيم انتخابات تعدّدية لا يشارك فيها العسكر ولا أي من قادة هذه الفترة كما تنصّ على ذلك الوثيقة الدستورية التي ستحتكم إليها مختلف الأطراف السودانية في المستقبل.

لغة العقل

موفد الاتحاد الأفريقي إلى السودان محمد الحسن ولد لبات، يحاول مسك العصا من الوسط في إدارته هذا الملف الشائك وسط التأكيد على أن المنتصر في نهاية المطاف هو السودان في حال جرى نبذ الخلاف والشقاق والاستماع إلى لغة العقل، ويتمتع الرجل بخبرة كبيرة في إدارة الملفات الأفريقية، وقاد سابقاً وساطات أفريقية ودولية صعبة، وعمل مبعوثاً خاصاً للاتحاد الأفريقي في كل من بوروندي، وتشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، كما شغل منصب مدير مكتب الوسيط الأفريقي في الحوار بالكونغو.

الإقصاء ممقوت

ولد لبات أجرت معه "اندبندنت عربية" حواراً مقتضباً استهله بالقول "الإقصاء ممقوت، وأنا أنادي بذلك دائماً، فلا عيب إن كان هناك خطأ وجرى تصحيحه، فالرجوع إلى الحق حق"، هكذا بدأ محمد الحسن ولد لبات مهندس اتفاق السودان الأخير، والمبعوث الأفريقي الخاص إلى السودان حديثه رداً على سؤال عن موقفه من وصف بعض الأطراف تقاسم السلطة بين المجلس العسكري وقوى التغيير الذي وقع الأسبوع الماضي بأنه كان أنانياً وإقصائياً.

مرحلة الخطر؟

ورداً على سؤال حول الوضع السوداني الراهن وما إذا كانت البلاد قد تجاوزت مرحلة الخطر أجاب "اعتقد ذلك، لقد تعززت الإرادة في الوفاق والتصالح والسير بالبلاد إلى برّ الأمان، والسودانيون صادقون في حب وطنهم وأمناء عليه". ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل؟ يقول "وكما قال جبران خليل جبران: "والخير، في الناس مصنوعٌ إذا جبروا والشر لا يفنى وإن قبروا"، ويتابع إن السودان بلد أنعم الله عليه بنخبة مميزة تتمتع بعقول راجحة وبحسٍ وطنيٍ مخلص، ولا خوف عليه ما دام قد حكّم لغة العقل ونبذ الخلاف والشقاق.

ورداً على سؤال عن قوى الحرية والتغيير، وما إذا كانت وحدها تمثل الشارع السوداني يقول المبعوث الأفريقي "الحرية والتغيير قوة الثورة وشعلتها المتقدة، والمنظومة الدفاعية والأمنية التي انحازت إلى الثورة في ظرف حالك هي جزء حاسم في الموقف، والقوى الحية الأخرى كثيرة، وليس لأحد الحق في حرمان أي مواطن سوداني من المشاركة في التغيير وبناء الوطن الذي يتسع للجميع".

السودان... موريتانيا الشرق

يقال إن الموريتانيين من أقرب الشعوب إلى السودان من حيث التشابه في العادات والتقاليد، هل تعتقد أن ذلك ساعد في إنجاح مهمتكم في السودان؟

يجيب محمد الحسن لبات "كرّرت أن السودان هو موريتانيا الشرق وأن موريتانيا هي سودان الغرب، لم أشعر لحظة، وحتى في أوقات الشدة، إنني في بلد غير موريتانيا، عندما تهدأ الزوبعة سيكون لي قول في هذا، باختصار السودان شعب فضائل، طبعاً هم يحبون الجدل ويتقنونه، كما نحن هناك نحب الشعر ويقال إننا نتقنه ونتميز فيه، سلوا أمير الشعراء الموريتاني، محمد ولد الطالب له قصائد تتحدث عن ذلك بشكل أكثر تفصيلاً، تختصر بالحرف الشعريّ المترف الرصين كل المسافات الفاصلة بين الخرطوم ونواكشوط، وبلغة طافحة بالمعاني والأخيلة الشعرية الجميلة المعبرة".

سيرة ومسار

محمد الحسن ولد لبات، أكاديمي ودبلوماسي موريتاني، من مواليد نواكشوط عام 1953عيّنه الاتحاد الأفريقي في 28 أبريل (نيسان) الماضي مبعوثاً خاصاً إلى السودان وكلّفه بالتوسّط بين فرقاء الأزمة السودانية، وحدّد حينها الاتحاد الأفريقي مهمة ولد لبات في "تقديم جمع الفرقاء على كلمة سواء من أجل التمهيد لوضع يؤسس لمرحلة انتقالية ديمقراطية وعلى نحو عاجل، ولن تنتهي مهمة الرجل في ما يبدو وفق ما جرى الإعلان عنه في وقت سابق قبل إشرافه على تنظيم انتخابات ديمقراطية تعدّدية في السودان تنتهي بالعودة إلى الحكم المدني".

خلفية ولد لبات القانونية ربما يكون لها دور مؤثر في إنجاح مهمته في السودان، فهو عميد سابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية ورئيس سابق لجامعة نواكشوط، درّس القانون كأستاذ زائر في جامعات أفريقية وفرنسية، وكان ضمن لجنة من كبار فقهاء القانون تولّت صوغَ أول دستور تعدّدي في موريتانيا عام 1991، وعيّن ولد لبات في نهاية التسعينيات وزيراً لخارجية موريتانيا ثم سفيراً في جنوب أفريقيا وإثيوبيا، والتحق بعد استقالته من السلك الدبلوماسي في بلاده بالمنظمات الدولية.

بدأ مساره في العمل في منظمة الفرنكوفونية في باريس مع رئيس السنيغال الأسبق عبده جوف وعمل مستشاراً وخبيراً في مقرّ المنظمة الرئيس ثم ممثلاً مقيماً لها في تشاد.

لاحقاً انتقل ولد لبات إلى الاتحاد الأفريقي، وعيّن ممثلاً له في بانغي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى للمساعدة في إعادة الاستقرار والسلم الأهلي لبلد مزقته حرب أهلية طاحنة، قبل أن يعود إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مستشاراً إستراتيجياً لرئيس المفوضية الأفريقية، وتولّى ملفات حساسة وصعبة من بينها الأزمة السياسية في الكونغو، ويتمتّع الرجل بشبكة علاقات قوية مع بعض قادة دول أفريقيا.